بنفضول: تعميم العمل بالميزانية التشاركية سيشكل ثورة اقتصادية واجتماعية حقيقية
- المغرب الاقتصادي
- الخميس, 28 ديسمبر 2023, 20:00
الميزانية التشاركية آلية تشاركية للحوار والتشاور، ومن خلالها تقرر المواطنات والمواطنين في جزء من الاستشمارات العمومية المتاحة، وفق التعريف الذي ورد في البوابة الوطنية للجماعات الترابية. والميزانية التشاركية، وفق المصدر ذاته، وسيلة للديمقراطية التشاركية، تطبيقا للمادة 139 من الدستور وأحكام القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية، وتنزيلا للمكنزمات التشاركية للحوار والتشاور. والهدف منها هو تشجيع ادماج المواطنات والمواطنين والجمعيات في بلورة، تتبع وتقييم برامج ومشاريع التنمية. والميزانية التشاركية لا تهم مجموع ميزانية الجماعة الترابية، ولكن فقط نسبة معينة من ميزانية الاستثمار (غالبا من 5 إلى 10 بالمائة).
في هذا الحوار يقربنا الخبير في المالية العمومية، هشام بنفضول، من فوائد وتأثيرات تعميم العمل بالميزانية التشاركية على الحياة العامة للمواطنين والمواطنات.
- ماذا نقصد بالميزانية التشاركية؟
التعريف الأكثر ملاءمة، في رأيي، للموازنة أو الميزانية التشاركية هو ذلك المستوحى من Julien TALPIN والذي يعرفها على النحو التالي:
يمكن تعريف الموازنة التشاركية بأنها “إشراك المواطنين العاديين في دورة الميزانية العمومية”. بالتالي، فهي عملية مبتكرة تؤدي إلى إعادة التفكير في العلاقة بين الناخبين والمنتخبين. وتوفر الميزانية التشاركية للمواطنين سلطة اتخاذ القرار المباشر بحكم أنها تزيل الوسطاء بينهم وبين المسؤولين المنتخبين.
- ما السياق الذي أتت فيها فكرة الميزانية التشاركية وما الغاية منها؟
من بين الآليات المحددة للديمقراطية التشاركية، ربما تكون الميزانيات التشاركية هي الأكثر شهرة من خلال مثال بورتو أليغري (البرازيل). ففي عام 1989، طبقت هذه المدينة نظاماً يمكن وصفه بالثوري في ذلك الوقت، بحيث قرر حزب العمال، الذي كان في السلطة آنذاك، إشراك المواطنين في تطوير ميزانية البلدية. وكان الهدف إذن هو إعادة توجيه السياسات العمومية لصالح المقصيين، ووضع حد للفساد، بهدف تحقيق الشفافية الميزانياتية والتنمية.
وتسعى الميزانية التشاركية، في العمل بها، إلى تحقيق ثلاثة أهداف: الأول سياسي من خلال “دمقرطة الديمقراطية” أي مشاركة وتعبئة الفئات الأشد فقراً. والهدف الثاني اجتماعي من خلال إعادة توجيه السياسات لصالح الفئات السكانية الأكثر ضعفا، والهدف الثالث هو إرساء حكامة جيدة ورشيدة على المستوى المحلي.
- استنادا الى تجارب مقارنة، ما فوائد اعتماد الميزانية التشاركية على الحياة العامة؟
الفائدة الأولى للموازنة التشاركية هي أن لها نطاق ترابي محلي. ومن ثم، فهي وسيلة للتمويل المحلي بالقدر الذي ينعكس به تأثير الميزانية العمومية على السكان المحليين.
وتسمح الميزانية التشاركية بمشاركة المواطنين في وضع، وتطوير، ومراقبة تنفيذ وتقييم الميزانية المحلية. وتؤدي مشاركة المواطنين إلى تحديد أفضل للأولويات التي يجب رسمها في الميزانية المحلية، والتوافق حولها، وتملك القدرة على التصرف بناء على الإيرادات والنفقات المحلية.
- كيف يمكن أن ينعكس اعتماد الميزانية التشاركية على جودة الحياة؟
تتيح الميزانية التشاركية إمكانية مراقبة تنفيذ الميزانية بشكل منتظم من مشروع إلى آخر، الأمر الذي يكون له تأثير في تعزيز المساءلة الاجتماعية المحلية. وبذلك تصبح هذه الميزانية تجربة تعلم جماعي قابلة للتمرير لباقي المتدخلين في إدارة الأموال العمومية على المستوى المحلي.
وبالتالي فإن الميزانية التشاركية تجعل من الممكن فهم احتياجات السكان المحليين بشكل أفضل وتوزيع الميزانيات بشكل أفضل. ثم إن العلاقات المؤسسية من خلال الميزانية التشاركية تجعل من الممكن تعزيز الثقة بين المسؤولين المنتخبين والناخبين وكذا تعزيز الحوار والإصغاء وبالتالي تحقيق التماسك الاجتماعي، ما من شأنه أن يحقق ثورة اقتصادية واجتماعية فعلية.
- هل يمكن تنزيل هذا التصور في السياق المغربي وما الشروط الضرورية لإنجاح التجربة؟
نعم، لقد بدأت العديد من الجماعات الترابية بالفعل هذه التجربة على مستويات مختلفة من الميزانيات المخصصة.
ولكي تأخذ الميزانية التشاركية مكانتها في ثقافة الميزانية المحلية، يجب اتخاذ إجراءين رئيسيين يتعلقان بالمعلومة والتكوين. ويتعلق الأمر هنا بالمواطنين وممثليهم أي المجتمع المدني من جهة والمسؤولين المنتخبين والمسؤولين المحليين من جهة أخرى. وبخلاف ذلك، ما تبقى هو مسألة تقنية أكثر منها سياسية لأن عمليات الميزانية التشاركية معروفة ومدروسة ومحللة على نطاق واسع.
- هل تتوفر هذه الشروط أو هل يمكن توفيرها؟
نعم جزئيًا، ولكن لا يزال هناك طريق طويل قبل أن يتم تعميم العمل بالميزانية التشاركية في جميع الجماعات الترابية المغربية وغيرها من المؤسسات العمومية. وهنا لابد من التأكيد مرة أخرى على أن المعلومة والتكوين هما الأساس في تعميم وتوسيع العمل بالميزانيات التشاركية في المغرب.
- آخر الأخبار, أبرز العناوين, الرئيسية, حوارات
- آخر الأخبار, أبرز العناوين, الرئيسية
- 0 تعليقات
أترك تعليقا