“البيروقراطية والفساد وضعف الخدمات ” عوائق تحد من جدوى استثمار الجالية المغربية بالبلد الأم

كشف  مرصد العمل الحكومي  بتعاون مع مركز الحياة لتنمية المجتمع المدني،  في ورقة تحليلية،  عن مجموعة من الإشكالات التي تواجه الجالية المغربية بالخارج، المتمثلة في “ضعف المساهمة الاستثمارية والتمثيلية السياسية والبيروقراطية الإدارية والفساد، وكذا ضعف جودة خدمات القنصلية، وإشكاليات الاستقبال”.

وأوضح  المرصد  في الورقة الموسومة  بعنوان “الجالية المغربية بالخارج: ركيزة وطنية لتعزيز التنمية المستدامة ورابط حضاري بين المغرب والعالم”، أن أبرز التحديات التي تواجه مغاربة العالم في الإستثمار هو “الضعف الواضح في سياسة استقطاب الاستثمارات، ويتمثل هذا القصور في غياب خطط تحديد القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية التي من الممكن أن تشكل محركا للنمو، علاوة على غياب خريطة استثمارية واضحة تستعرض المناطق المهمشة والمحتاجة للدعم”.

في  السياق ذاته، أضاف المرصد أن” تشتت الجهود وغياب رؤية استراتيجية تستهدف الإدماج الفعال في مجالات الإستثمار”، يضع المغاربة المقيمين بالخارج أمام خيارات غير مدروسة وغير مهيكلة، ما يجعل استثمارهم يقتصر على القطاعات التقليدية بدلا من القطاعات ذات القيمة المضافة كالطاقات المتجددة والصناعة التحويلية لخلق فرص عمل مستدامة.

وأشارت الورقة التحليلية إلى فشل آليات التمويل، حيث إن  صندوق MDM Invest، لم يدعم سوى 48 مشروع خلال 20 سنة، كما أن غياب بنك مشاريع مخصص للجالية يشكل عائقا رئيسيا  أمام جذب استثمارات ذات قيمة مضافة.

ذلك أن غياب هذه الأداة يجعل مغاربة العالم في كثير من الأحيان غير قادرين على تحديد الفرص الاستثمارية ذات القيمة المضافة العالية، ويدفعهم إلى التركيز على قطاعات تقليدية مثل العقار أو التجارة، بدلا من الانخراط استثمارات استراتيجية تواكب التحولات الاقتصادية للمغرب التي من شأنها أن تساهم في خلق فرص شغل مستدامة.

كما يؤدي هذا الغياب، وفق الورقة التحليلية،  إلى تردد الكثير من المستثمرين في اتخاذ القرارات الجريئة بالنظر إلى عدم وضوح الرؤية حول المخاطر والمزايا المرتبطة بمختلف المشاريع مما يفوت على المغرب فرصة لجذب الاستثمارات.

وأوردت الورقة التحليلية لمرصد العمل الحكومي،  أن تعقيدات الإجراءات الإدارية يضع أفراد الجالية في “مواجهة صعوبات كبيرة في الحصول على خدمات قنصلية فعالة”، حيث تعاني القنصليات المغربية من “نقص في الموارد البشرية والتجهيزات.

وضع يؤدي، وفق المصدر ذاته، إلى تأخر تقديم الخدمات والبيروقراطية الإدارية وتعقيد المساطر  مما يشكل عائقاً كبيرا أمام استفادة الجالية من الخدمات الوطنية، زيادة  على “غياب الشفافية وممارسات الفساد التي تضعف الثقة بالمؤسسات”.

وتابع المصدر نفسه، أنه رغم التحولات التي شهدها المغرب في مجال الرقمنة إلا أن البنية الرقمية الموجهة خصيصا لمغاربة العالم ما زالت محدودة وغير كافية لتلبية احتياجاتهم الخاصة.  فمعظم المنصات الإلكترونية لا توفر حلولا شاملة، تتيح للمستثمرين المغاربة بالخارج إمكانية مباشرة إجراءاتهم الإدارية أو متابعة مشاريعهم عن بعد.

كما أن العديد من الخدمات الرقمية المتوفرة تفتقر إلى التكامل بين مختلف المؤسسات، مما يخلق حلقات مفقودة تزيد من تعقيد المساطر وتعطل التنفيذ السريع للمشاريع، حيث يتطلب الأمر حضورا شخصيا متكررا لإتمام المعاملات، ما يثقل كاهل المستثمرين المقيمين بالخارج.

وبحسب المرصد،  تواجه الجالية ، تحديات مستمرة خلال عملية العودة السنوية إلى الوطن، في  غياب أسطول نقل بحري وطني قوي ما يجعل البلاد تعتمد على الشركات الأجنبية والتي بدورها تفرض أسعارا مرتفعة.

في الاتجاه ذاته، يورد المرصد، أن  مغاربة أمريكا الشمالية يعانون  من تكاليف سفر مرتفعة بسبب ضعف العروض التنافسية، ما يحد من زياراتهم لبلدهم، فضلا عن الموانئ والمطارات التي تعاني من تعقيدات جمركية وطوابير طويلة رغم جهود المغرب من خلال عملية “مرحبا.

هذا وتمثل الجالية المغربية بالخارج، واحدة من أبرز الدعائم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمغرب، حيث إنها تساهم بشكل كبير في تحقيق التنمية وتعزيز صورة المغرب دوليا من خلال أدوارها المتعددة في دعم الاقتصاد الوطني، والدفاع عن القضايا الوطنية، والترويج للهوية الثقافية المغربية.

أترك تعليقا