وزراء المالية والاقتصاد في الحكومات المتعاقبة بالمغرب (الحلقة 1)

له موقع خاص في التشكيلة الحكومية. قبل دولة الاستقلال كان يطلق عليه أمين الأمناء، قبل أن يسمى وزير المالية والاقتصاد. غالبا ما تكلف بهذه الوزارة شخصيات من عائلات مخزنية أو خبراء وشخصيات لها تكوين خاص. لكن باستقراء التاريخ المعاصر،  فالظرفية السياسية تتحكم في اختيار الوزير الذي ستناط به مهمة تدبير مالية الدولة وجبايتها.

فمن هم هؤلاء الوزراء وما هي بصمة كل منهم على القطاع ؟

  1. أمين الأمناء 

اختلفت تسميته من سلطان لآخر، لكنه شكل أحد المناصب الى جانب وزير البحر أو وزير الخارجية أو العلاف وزير الدفاع والجيش السلطاني. لكن مع اختلاف الملوك والسلاطين تظل مهمة أمين الأمناء تشبه وظيفة وزير المالية الحالي.

فهو من بين وزراء الحكومة الشريفة الذين يشاركون في تحضير القرارات السلطانية وتبليغ أوامر السلطان للمعنيين بها وكذا السهر على مراقبة تطبيقها من لدن السلطان غير المتمركزة، وقد يباشر بعض الاختصاصات بتفويض من السلطان وتحت مراقبته.

يعود تاريخ أول ميزانية مغربية، بناء على التعريف العصري لهذا المصطلح، إلى سنة 1913، غير أن هذا لا يعني أن المغرب عاش على إيقاع الفراغ فيما يتعلق بالتسيير المالي قبل هذا التاريخ.

في عهد مولاي سليمان (1792-1822)، تم تشكيل مجلس الأمناء، حيث كان يخضع لتوجيهات أمين الأمة، الذي كان يقوم آنذاك بدور وزير المالية. وقد كان أمين الأمة يتوصل بتقارير المداخيل من طرف “أمين الدخل” وبتقارير من “أمين الخرج”، المكلف بإنجاز النفقات وكذلك بتقارير من أمين الحسابات المكلف بمراقبة المحاسبات التي يقدمها مختلف الأمناء. وقد كان يتم تقديم جميع الحسابات للسلطان، الذي كان يحولها إلى “البنيقة” التي كانت تقوم حينها بدور “المجلس الأعلى الحسابات”.

وكانت هناك ثلاث وحدات مختلفة:

  • بيت مال المسلمين الذي كانت توضع به الأموال المتأتية من مختلف المصادر ذات الطابع الديني وخصوصا الزكاة والأعشار.
  • دار الدخل (الخزينة العامة)، والتي كانت تتوصل بمنتجات الأملاك، المتمثلة في المساهمات الإدارية التي ليس لها طابع ديني.
  • خزينة السلطان: التي كانت تضم الهدايا التي يتوصل بها السلطان.

ويتطرق كتاب”الأمناء بالمغرب في عهد السلطان مولاي الحسن ” لمؤلفته نعيمة هراج التوزاني الأستاذة المحاضرة بكلية الاداب بالرباط و الحاصلة على (جائزة المغرب لسنة 1977) والصادر عن منشورات كلية الآداب و العلوم الإنسانيةبالرباط ضمن (أطروحات و رسائل) في يناير 1979، كما تشير مجلة دعوة الحق عدد217 ، إلى أوضاع المخزن المالية عند تولي السلطان مولاي الحسن الأول و عما كانت عليه من نقص في المداخيل. وتزايد في النفقات و عن الحل الذي كان يرتئيه السلطان للخروج من الأزمة المالية و هو تنظيم الأمانة. و بين الاعتبارات التي كانت للمخزن في تعيين الأمناء حيث كان يختارهم من فئة اجتماعية معينة و يتبع في هذا الاختيار عادات مخزنية خاصة.

وتتوزع بين الأمانة المحلية بأشكالها الثلاثة. وهي أمانة المراسي و أمانة المستفاد و أمانة القبائل. فأمناء المراسي كانوا يشرفون على دخل تجارة المغرب الخارجية. و يتولون أثقل النفقات. ومهمة أمناء المستفاد فكانت جمع مداخيل التجارة الداخلية، و ربع أملاك المخزن خاصة. أما أمانة القبائل التي أوجدها الترتيب الحسني فلها أهمية خاصة مقارنة ببقية مرافق الأمانة المحلية.
وهناك، وحسب الباحثة، تمييز ما بين الأمناء المركزيين و الأمناء المحليين. و في الأمناء المركزيين يمكن التمييز ما بين أمين الأمناء المشرف على الجهاز بأسره.

و أمين الحسابات الذي يقوم بأعوانه بمحاسبة جميع العمليات التي يمارسها مختلف الأمناء. ثم الأمناء المكلفين إما بجمع الأموال الموجهة من الأقاليم إلى المركز و ادخارها في بيت المال أو غيره من الخزائن المركزية وهذا شأن (أمين الداخل)، أما إنفاق أموال الدولة على الصعيد المركزي فهذا شان (أمين العتبة) و (أمناء الصائر). أما الأمناء المحليون فيمكن التمييز فيهم ما بين أمناء المراسي الذي يجمعون من جهة الأموال الناتجة من الرسوم الجمركية و ينفقون من جهة أخرى تلك الأموال إما جزئيا وإما كليا لسد  الحاجات المحلية و بعض المشاريع الوطنية. و بين أمناء المستفاد المكلفين بجمع الأموال الناتجة قبل كل شيء من الضرائب المفروضة على التجارة الداخلية و بانفاق البعض منها. و أخيرا بين أمناء القبائل المكلفين – فيما هم مكلفون به – بجمع الضرائب الواجبة على القبائل.

أترك تعليقا