جدري: الفلاحة التصديرية ساهمت في استنزاف الثروة المائية وأخطاء الحكومات المتعاقبة عمقت الأزمة

قال الخبير الاقتصادي، محمد جدري، إن إشكالية أزمة الماء في المغرب كانت نتيجة لثلاثة عوامل أساسية، العامل الأول لا يتحكم فيه الإنسان لكونه يرتبط بمتغيرات جغرافية ومناخية، فيما العاملين الأخرين كانا نتيجة الأخطاء التي ارتكبتها الحكومات المتعاقبة.

وأوضح جدري، خلال مرروه في بودكاست” TOUIL TALKS“، أن  هناك عددا من الأخطاء أدت إلى تفاقم إشكالية الماء  منها الاعتماد بشكل  أكثر على الفلاحة التصديرية، بحيث تصدر كميات مهمة من الماء من خلال المنتجات الفلاحية (الخضر والفواكه).

وشدد جدري، على أن هذا الوضع يسائلنا اليوم، بحيث اتجه المغرب من خلال سياسة المخطط الأخضر  وبعده الجيل الأخضر، التي بنيت على تشجيع الأشجار المثمرة (البطيخ، الطماطم، البواكر والحوامض…)، إلى دعم هذه الأنشطة الفلاحية استجابة للطلب الخارجي المرتفع.

هذا الواقع نتج عنه، وفق جدري، تحول الفلاحين نحو هذه الأنشطة ( الأشجار المثمرة والفلاحة التصديرية)، وتخلوا عن انتاج المنتجات الأخرى الأساسية، مثل الحبوب التي يستورد المغرب أغلب حاجياته من الخارج.

وقال الخبير الاقتصادي ذاته، إنه في ظل هذا الواقع من غير المقبول أن تستمر زراعة البطيخ في زاكورة مثلا، علما أن البطيخ يستنزف الفرشة المائية في مقابل مردوديته الضعيفة على مستوى مداخيل العملة الصعبة أو على المستوى المالي بالنسبة للفلاح.

وأكد جدري، على ضرورة عقلنة الاستهلاك المائي في القطاعات الفلاحية، بحيث إن 13 في المائة من استهلاك الماء استهلاك منزلي بدرجة أولى ثم استهلاك صناعي بدرجة أقل، بينما 87 في المائة تستهلكها الأنشطة الفلاحية.

ومن العوامل التي أدت أيضا إلى هذا الوضع، يسترسل الخبير الاقتصادي محمد جدري، هو التأخر الحاصل في تنفيذ العديد من المشاريع المائية علما أن الكل يعلم بأن أزمة الماء قادمة، ورغم ذلك تأخر المغرب في تنفيذ العديد من الحلول، ومن ذلك محطات تحلية المياه.

وعلى سبيل المثال، يضيف جدري، فمحطة تحلية المياه بالدار البيضاء كان من المفروض أن تكون مشغلة قبل سنتين وتزود الساكنة بالماء، والحال أن أشغال الشروع في إنجازها لم تنطلق بعد، مشيرا إلى أنه من المفروض اليوم، أن يكون المغرب قد شرع في تشغيل نحو 36 محطة تحلية مياه البحر، بالإضافة إلى الربط بين الأحواض المائية الذي عرف تأخرا كذلك، رغم الشروع في إنجاز الطريق السيار المائي بين حوضي سبو وأبي رقراق.

وذكر أيضا، بالتأخر الحاصل في مشاريع معالجة المياه العادمة لتوجيهها لسقي المساحات الخضراء، وهناك حاجة أيضا إلى تسريع إنشاء السدود الصغيرة والمتوسطة.

ومن جهة العامل الذي لا يتحكم فيه الإنسان، أوضح جدري أن المغرب يوجد في منطقة منخفض جوي ودائما ما يستفيد من تساقطات مطرية، لكن بالنظر إلى العديد من المتغيرات الجغرافية والمناخية تحول هذا المنخفض من مكانه، فأصبح المغرب يعيش جفافا هيكليا وبنيويا أخطر مما عاشه خلال سنوات الثمانينات.

أترك تعليقا