نظام الجزائر يشن “حربا” اقتصادية ضد المملكة.. والمغرب يواصل تعزيز مكانته الدولية

في الوقت الذي سارت فيه التكهنات نحو إمكانية الانفراج في العلاقات المغربية الجزائرية بعد الخرجة الإعلامية لوزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، عبر منصر “أثير”، وتلميحه إلى الرغبة في إيجاد حل بخصوص العلاقات المتوترة مع المغرب. يواصل نظام الجزائر تعميق الهوة وتأزيم العلاقات بين البلدين، عبر قرارات تمس الجانب الاقتصادي بشكل أكبر فيما يشبه “حربا اقتصادية”.

فبعد العديد من القرارات، من مثل قرار إغلاق  المجال الجوي الجزائري أمام جميع الطائرات المدنية والعسكرية المغربية، ومنع الشركات والإدارات الجزائرية من المعاملات التعاقدية مع الشركات والمؤسسات المغربية منذ سنة 2021، ثم القرار الأحادي الجانب بخصوص وقف تدفق الغاز من أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي من جانب واحد.

أصدرت الجمعية المهنية الجزائرية للبنوك والمؤسسات المالية، مراسلة مضمونها وقف ورفض أي عملية توطين لعقود النقل التي تنص على إعادة الشحن- العبور عبر الموانئ المغربية. وهكذا قررت الجزائر، جانب واحد، عرقلة المعاملات والتدفقات التجارية التي يعاد شحنها بالمغرب أو العابرة عبر الموانئ المغربية.

المراسلة الصادرة بتاريخ 10 يناير 2024، تفرض على الأبناك الجزائرية التأكد من مصدر البضائع والمتعاملين الاقتصاديين، والتحقق من أن إعادة الشحن أو العبور لا تتم عبر الموانئ المغربية.

وإذا كانت قرارات الجزائر، ومنها القرار الأخير، تستهدف المغرب فيما يشبه حربا اقتصادية تجارية، فإنها تمس أيضا بقواعد وأسس التجارة الدولية، والتزامات الأطراف المتعاملة بغض النظر عن طبيعة النزاع القائم بين بلدين من بلدان العالم، وتزيد من عزلتها الدولية.

قرارات دون تأثير

منذ أن سارت الجزائر على نهج القطيعة السياسية والاقتصادية، لم يكن لتوجهها أي أثر على الوضع المغربي، على مختلف الأصعدة، سواء السياسي أو الاقتصادي، أو التموقع الدولي.

فقرار إغلاق المجال الجوي الجزائري أمام الطائرات المغربية، لم يكن له أي أثر على الأسطول التجاري الجوي للمغرب، ولم يؤثر على تردداته التي حافظت على وتيرتها التي كانت قبل هذا القرار، بل زاد نموها بعد القرار الجزائري الأحادي الجانب.

أما قرار وقف المعاملات التجارية والمالية مع الشركات والمؤسسة المغربية، فلم يكن له أثر ما، بالنظر إلى أن المعاملات الاقتصادية والتجارية مع الجزائر لا تشكل سوى نسبة ضئيلة في المبادلات التجارية بين البلدين، ولم تؤثر على الميزان التجاري المغربي، بالنظر إلى أن الحصص الكبرى للمبادلات المغربية تتم مع الاتحاد الأوربي وأمريكا ودول آسيا.

ثم إن استراتيجية تنويع الشركاء التي اعتمدها المغرب، استراتيجية مفصلية مكنته من تأمين حاجياته في أسوأ مراحل الأزمات العالمية ( أزمة كورونا، الحرب الروسية – الأوكرانية..). كذلك بالنسبة لقرار وقف تدفق الغاز في الأنبوب المغربي، الذي لم يكن له أثر يذكر، حيث عمل المغرب على عكس التدفق ليكون من اسبانيا نحو المغرب.

دينامية مغربية

الزيارة الملكية الأخيرة إلى الإمارات، أبرز مثال حديث، على الدينامية المغربية في علاقته مع محيطه الدولي، زيارة تاريخية رسخت وعززت التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، لاسيما في المجال الاقتصادي. زيارة اختتمت بتوقيع شراكة استراتيجية ذات أبعاد متعددة من شأنها أن ترقى بالعلاقات الثنائية إلى مستويات وثيقة.

إضافة إلى المبادرة الدولية التي أطلقها الملك محمد السادس لتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، استمرارا  للجهود التي تبذلها المملكة من أجل إفريقيا مزدهرة،  مبادرة توفر إمكانات غير مسبوقة من شأنها تعزيز الاندماج والتعاون الإقليميين، والتحول الهيكلي لاقتصادات دول الساحل، بما توفره المملكة من بنيات تحتية مهمة من طرق ومواصلات وموانئ.

ومع بداية السنة الجارية، على سبيل المثال، سجل المغرب حضورا قويا في العديد من القمم والملتقيات الدولية، ومنها مؤتمر التعدين بالمملكة العربية السعودية، حيث سجل المغرب حضورا لافتا عبر وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، وختم المغرب مشاركته بتوقع اتفاقيات مهمة للتعاون والاستثمار وتطوير هذا القطاع.

وفي الهند، خلال النسخة العاشرة لقمة المستثمرين، سجل المغرب حضورا مهما، عبر وزارة الصناعة والتجارة، وبصمت المشاركة المغربية على نحاج لافت مما يعزز العلاقات المغربية مع الهند التي تعتبر من أقوى الاقتصادات العالمية.

قبل ذلك، استضاف المغرب تظاهرات اقتصادية دولية خلال السنة الماضية ومنها على سبيل المثال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، فضلا عن تظاهرات دولية أخرى. وعلاوة على  كل ذلك، يستعد المغرب لاستقبال تظاهرات دولية في مختلف المجالات، خصوصا منها الرياضية ( الكان- المونديال …)، خلال السنوات المقبلة وما لذلك من أثر على إنعاش الاستثمارات والدورة الاقتصادية برمتها.

أترك تعليقا