كلفة إضراب التعليم.. أيام بالملايين وساعات بالملايير تضيع من الزمن الدراسي

بتاريخ 26 دجنبر 2023، تم توقيع محضر اتفاق بين اللجنة الثلاثية الوزارية وممثلي النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية حول النظام الأساسي الخاص بموظفي قطاع التربية الوطنية، وذلك بعد سلسلة من الاجتماعات بين الطرفين سعيا إلى إنهاء الإضراب في قطاع التعليم وعودة الحياة العادية إلى المدرسة المغربية.

ويأتي هذا الاتفاق بعد حوالي 13 أسبوعا توقفت فيها عملية التدريس بشكل شبه كلي وضاعت ملايير الساعات وملايين أيام العمل.  وعلى إثر الإضرابات التي خاضتها الشغيلة التعليمية، اتخذت الوزارة جملة من الإجراءات منها الاقتطاع من أجور المضربين.

فما هي الكلفة الاقتصادية للإضراب الذي شل المدرسة العمومية المغربية؟

كلف الإضراب الذي خاضته الشغيلة التعليمية الكثير من حيث الأثر المالي ومن حيث الزمن المدرسي، وحتى من حيث الزمن الحكومي، بالإضافة إلى جوانب أخرى ترتبط لها تأثير اقتصادي على الدورة الاقتصادية، وكذا الأثر على التلاميذ والتلميذات الذين لم يدرسوا لأكثر من 13 أسبوعا دون أن تتضح الطريقة التي يمكن أن يعوض بها الزمن الدراسي الذي ضاع.

كلفة مالية وزمنية  

تنطوي الكلفة المالية للإضراب الذي خاضته الشغيلة التعليمية رفضا لمضامين النظام الأساسي الجديد، على جانبين، الجانب الأول يرتبط بالكلفة المالية التي ستتحملها الحكومة جراء الزيادة في الأجور التي تم إقرارها والتي قدرتها الحكومة في نحو 9.5 ملايير درهم. والجانب الثاني يرتبط بالكلفة المالية التي تحملتها الشغيلة التعلمية جراء الاقتطاع من أجور المضربين.

وإذا كانت الكلفة المالية التي تحملتها الحكومة محددة في قدرها، فإن الكلفة التي تحملها المضربون تقارب نصف مبلغ الكلفة التي تحملتها الحكومة.

وبعملية حسابية، فمتوسط ساعات العمل يوميا هي 6 ساعات، وبما أن الإضراب استمر لنحو 32 يوما فإن مجموع الساعات الضائعة تقارب في المتوسط 44.1 مليون ساعة عمل ( إذا تم حساب 4 أيام إضراب خلال 13 أسبوعا لنحو 230 ألف من نساء ورجال التعليم). ومن حيث عدد الأيام فتصل إلى حوالي 7.36 مليون يوم عمل ضائع.

أما من حيث كلفة الاقتطاعات في الأجور، فيصل متوسط الاقتطاع في اليوم ما يعادل 300 درهما، وبحساب عدد أيام الإضراب ( حوالي 32 يوما) ،  وبحساب عدد المضربين ( نحو 230 ألف من نساء ورجال التعليم) فإن المبلغ المقتطع يقارب حوالي 2.2 مليار درهم. تجب الإشارة إلى أن الأرقام المعتمدة تبقى تقريبية، وهي أرقام استقتها جريدة “المغرب الاقتصادي”، من أطر وأساتذة ممارسين في قطاع التعليم.

من ناحية أخرى، أكد شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والرياضة والتعليم الأولي، أن عن عدد الأساتذة الذين خاضوا الإضراب الوطني يوم الخميس 26 أكتوبر الماضي، وصل عددهم 96 ألف أستاذ، وهو ما يمثل نحو 30 في المائة من مجموع موظفي القطاع الذين يبلغ عددهم نحو 330 ألف وفق بنموسى.

وبخصوص الاقتطاع من الأجور، سبق للوزارة أن فعلت اقتطاعا من أجرة بعض موظفات وموظفي وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولى والرياضة بسبب “التغيب عن العمل بصفة غير مشروعة”، حيث أشرت على 47 أمرا بالاقتطاع تشمل 47 ألف اقتطاع.

ضياع 224 مليون يوم دراسي

في الجانب الآخر، ومع توالي أيام الإضراب، ضاع المتعلمون والمتعلمات من ملايين ساعات التمدرس. فباحتساب 7 ملايين من التلاميذ والتلميذات وعدد ساعات وأيام الإضراب يكون مجموع عدد الساعات التي حرمت منها هذه الفئة يفوق 1.34 مليار ساعة فيما يصل عدد الأيام من الزمن الدراسي التي حرموا منها إلى نحو 224 مليون يوما. بناء على حساب عدد أيام الإضراب في 32 يوما وعدد ساعات العمل يوميا في 6 ساعات.

ماذا بعد؟

بالإضافة إلى كل هذه الجوانب التي كلفت الكثير من حيث الكلفة المالية والكلفة الزمنية سواء الزمن الحكومي بحكم طول مدة التفاوض والحوار، أو من حيث الزمن المدرسي الضائع أو من حيث الأثر الاجتماعي للاقتطاعات الذي يمس الدورة الاقتصادية في محيط عمل نساء ورجال التعليم. وبعد جملة من الاجتماعات والاتفاقات وخاصة منها اتفاق 26 دجنبر 2023، يبقى السؤال المطروح كيف سيتم تعويض الزمن الضائع، والزمن له تكلفة مالية واقتصادية وتكلفة اجتماعية ومجتمعية.

التزامات الأطراف الموقعة على اتفاق 26 دجنبر

  1. تلتزم الحكومة باتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ مضامين هذا الاتفاق؛
  2. تلتزم النقابات التعليمية، في حدود اختصاصاتها، بالانخراط الفعال في برامج الإصلاح المهيكلة لمنظومة التربية والتكوين، لاسيما تنزيل مشروع المؤسسة المندمج الرامي إلى الرفع من جودة التعلمات لدى التلميذات والتلاميذ عبر تعميم مؤسسات الريادة؛
  3. تلتزم الأطراف باستمرار الحوار والتفاوض المسؤول من أجل معالجة الملفات القطاعية وضمان ظروف عمل ملائمة تأخذ بعين الاعتبار حقوق المتعلمين وتمكينهم من تعليم ذي جودة.

وتم التأكيد على الالتزام بأجرأة ومواكبة تنزيل إصلاح منظومة التربية والتكوين في أفق تعميم مؤسسات الريادة سنة 2027، مع ما يتطلبه ذلك من انخراط كافة نساء ورجال التعليم من أجل إصلاح هذه المنظومة والالتزام بضمان أجواء إيجابية ضمانا للتفعيل الأمثل لهذا المسار الإصلاحي الشامل.

كما تم الاتفاق على مواصلة العمل وفق المقاربة التشاركية التي اعتمدت في التوافق حول مضامين هذا النظام الأساسي الخاص بموظفي القطاع، على إعداد مشاريع نصوصه التطبيقية، مما سيسهم في توفير الشروط المواتية لكسب رهانات الإصلاح العميق للمنظومة التربوية وتعزيز الثقة في المدرسة العمومية والرفع من جاذبيتها وتحسين مردوديتها، والالتزام بأجواء إيجابية باعتباره الضامن الأمثل لإنجاح مسار الإصلاح التربوي.

أهم مخرجات الاتفاق

  • إضفاء صفة الموظف العمومي على كافة العاملين بقطاع التربية الوطنية، وتحديد مدة التدريس الأسبوعية لأطر التدريس.
  • تخويل تعويض شهري قدره 1000 درهم للموظفين المرتبين في الدرجة الممتازة (خارج السلم)، ابتداء من الرتبة 3 بدلا من الرتبة 5.
  • الزيادة في التعويضات التكميلية للأساتذة المبرزين بمبلغ شهري صافي قدره 500 درهم واحتسابها في المعاش.
  • الزيادة في التعويضات التكميلية للمستشارين في التوجيه التربوي والمستشارين في التخطيط التربوي بمبلغ شهري صافي قدره 300 درهم.
  • إحداث الدرجة الاستثنائية المرتبة فوق خارج السلم لفائدة الأطر التي ينتهي مسارها المهني في الدرجة الممتازة (خارج السلم).

أترك تعليقا