ديواني: تأخرنا في إجراءات مواجهة الجفاف لسنوات وتحقيق التنمية يحتاج إلى طاقات إبداعية وتطور تكنولوجي

قال رئيس لجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب، جمال ديواني، إن مغرب اليوم مغرب الأوراش و2030 محطة فقط وليست هدف، وأكد ديواني، وهو قيادي  وبرلماني عن حزب الاستقلال، إن المغرب عليه ان يتحول إلى تنين أفريقيا في التنمية.

ووقف ديواني في حواره مع “المغرب الاقتصادي”، عند أهمية التشريع الاقتصادي بالمغرب، وعند جملة من القطاعات الاقتصادية وما تعرفه من استثمارات، وكذا عند النسيج الاقتصادي للمغرب والاكراهات وخصوصا القطاع غير المهيكل.  كما تطرق إلى إشكال الماء الذي عرفه المغرب وتبعاته والإجراءات المتخذة في هذا الباب.

فيما يلي  نص الحوار كاملا:

  1. لنتحدث أولا عن التشريعات الاقتصادية، سواء مشاريع أو قوانين أو غيرها من تلم المرتبكة المرتبطة بالمجالات الاقتصادية.

يمكن اعتبار قانون المالية هو أكبر تشريع على المستوى الاقتصادي، لأنه يتحكم في التوازنات الماكرو_اقتصادية ويؤثر في الموازنات العامة والمديونية، وتحديد الأسقف سواء في نسبة التضخم أو نسبة النمو، وكلها تشريعات مهمة جدا تصب في صلب الاقتصاد.

من جهة ثانية، هناك القطاعات الإنتاجية الأخرى، أي التشريعات المتعلقة بالفلاحة والصناعة والتجارة والسياحة والصناعة التقليدية والطاقة والمعادن والصيد البحري، وسنسمي هذا الصنف بالتشريعات المباشرة.

كما هناك تشريعات غير مباشرة مثل التشريع في القانون الجنائي أو مسطرة القانون التجاري بحيث يكون له طبعا آثار اقتصادية، سواء تهم فئة معينة أو منظومة كاملة، وتؤثر إما على مناخ العمل أو تؤثر على جوانب تسيير المقاولات.

  1. كيف تعزز هذه التشريعات الاقتصادية بمختلف تفرعاتها السيادة الوطنية في القطاع الصناعي أو الغذائي أو المائي؟

تنقسم التشريعات إلى شقين، شق مشاريع القوانين الصادر عن الحكومة بحيث تنزل برامجها القطاعية أو متعددة القطاعات عبر هذه القوانين، وبالتالي جميع مشاريع القوانين تصب في هذا الباب، هناك أيضا مقترحات القوانين التي يقدمها فرق المجموعة النيابية بالبرلمان، وتعزز المنظومة التشريعية، وتنزيل هذه البرامج القطاعية لابد أن يحدث آثارا، فأي قطاع حكومي يحظى بالوقت الكافي والكفايات اللازمة للاشتغال على نص من جهة وأيضا أن يشتغل على تعديل نص تشريعي كي يقدم تشريعا يتلاءم مع المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية.

وهناك طبعا قوانين تنظيمية تحكم وهي من اختصاص الحكومة وبفضلها يتم أقلمة مجموعة من المواد المتواجدة بالقانون التي تكون بحاجة إلى توضيح أو إلى دوريات أو قوانين تنظيمية أو مراسيم وزارية وهذا شق تنظيمي يهم الحكومة.

  1. علاقة بالقطاعات الانتاجية وارتباطا بقانون المالية 2024 هناك توجه نحو معالجة مجموعة من الاكراهات مثلا القطاع غير المهيكل، هل يمكن أن ضبط هذا القطاع حتى يكون مراقبا أو خاضعا للهيكلة؟

يجب أن نعرف أن مجموعة من الاقتصادات في العالم تتضمن هذا الشق من الاقتصاد أي الاقتصاد غير الرسمي ونسميه نحن غير المهيكل وهذه الظاهرة أعتبرها ظاهرة خصوصية، ويجب على تاريخ كل بلد أن يدرس كيف تطور نسيج اقتصاده، فهذا القطاع له سلبيات طبعا من قبيل اشكالية الاستقرار لأنه لا تخلق فيه فرص شغل مستقرة ولا يتضمن الحماية الاجتماعية كما يخلق في بعض الأحيان منافسة غير مشروعة بالنسبة للقطاع المهيكل، كما يتضمن تجاوزات أيضا في بعض الأحيان ونحن نرى مثلا احتلال الملك العمومي.

بالمقابل له أيضا، ايجابيات لأنه في حالة الأزمات يكون هذا القطاع صمام الأزمات حيث يستطيع امتصاص هذه الصدمات وهذا شق إيجابي.  وطبعا هناك خسارة للاقتصاد الوطني ولكن اعتقد أن البعد المرتبط بإدماج هذا القطاع في القطاع المهيكل يجب أن يكون عبر مراحل، لأن القطاع الهيكل حينما يكون لديه ما يكفي من الجاذبية بالنسبة للأجراء ينتقل بشكل تلقائي لماذا؟ اليوم مناصب الشغل التي تخلق ليست لها جاذبية لأنها لا ترقى لحاجيات سوق الشغل بالنسبة لطالبي سوق العمل.

اليوم نسجل أقل من ثلاثة ملايين شخص يشتغلون بشكل مستقل وهؤلاء كان بإمكانهم أن يكونوا أجراء غير أن الأجر مرتبط بعدد ساعات العمل بالتالي لم يعد مغريا،  لأن الشباب اليوم يرغب في مرونة  ساعات العمل وأن يشتغل باستقلالية،  وهذا ما يجعله يرغب في البقاء في القطاع غير المهيكل رغم الأجر الذي ينتج عنه ورغم أنه يجازف بحمايته الاجتماعية واستقراره. سوق العمل ينبني على خصوصيات يجب أخذها بعين الاعتبار لكي يكون هذا التحول، وهذا التحول سيأتي تلقائيا حين سيتوفر القطاع الهيكل على مناصب مغرية.

  1. ارتباطا بالتحولات التي يعرفها المغرب، المملكة مقبلة على مجموعة من الأوراش الاستثمارية ارتباطا كيف يمكن تسريع وثيرة هذا التحول؟

يمكن تحديد الهدف من هذه الأوراش الكبرى ويمكن أن نسميه مغرب الاوراش في شقين أساسيين. شق متعلق بالبنيات التحتية المرتبطة بالماء والمطارات والطرق والفنادق، كما هناك ورش اجتماعي يشرف عليه الملك، هو ورش تعميم الحماية الاجتماعية، وهما أساسا هذه المقاربة.

هذا الهدف ليس سوى محرك دافع لنحقق أهداف التنمية، ف2030 التي ليست سوى محطة لا يجب أن نعتبرها هدفا. يجب أن نبلغ مجموعة من النتائج تخول لنا أن نصبح ضمن الدول الصاعدة، أي أن يكون المغرب  “تنين إفريقيا”.

وكي نصل لهذا المستوى، فما نحن بصدد القيام به جيد لكنه غير كاف. كنا نقول بأن التنمية تخلق مناصب شغل، وهذه المناصب تخلق الاستقرار السياسي والاجتماعي، والحال أن العكس هو ما يقع. فالفوارق المجالية والاجتماعية أصبحت تفرمل التنمية،  إذن نقطة الانطلاق هي التعليم بجميع مستوياته، الصحة، والحماية الاجتماعية على مستوى خلق مناصب شغل، بحيث يجب أن توجه إليها  الطاقات وتركز فيها.

نحن كحزب الاستقلال وضعنا في البرنامج الحكومي مؤشرا أسميناه “génie” وهو مؤشر تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، ومن ضمن أسسه أن يصبح الفارق أقل من 10٪  من أصحاب أكبر دخل وبين أصحاب أقل دخل.

اليوم فرق الدخل  يقارب 27 مرة، وهو ما يصنفنا ضمن هذا المؤشر بمعدل  39٪، بعدما كنا في معدل 45٪. وفي الدول المتقدمة يسجل معدل أقل من هذه النسبة في الفوراق المجالية بحيث تتراوح ما بين 24 أو 25٪.

المدخل الحقيقي  الأول هو أن نركز على متغير الجبايات، وهنا يمكن أن نشير إلى التعديل الذي سيطبق السنة المقبلة بشأن الضريبة عن الدخل بعدما تمت الإشارة إلى العمل على الضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الدخل، حتى  تمكن المواطنين من قدرة شرائية أكبر، فتصبح بمثابة زيادة في الأجر.

والمدخل الثاني هو أن من لا يمتلك مدخولا  يجب أن يكون لديه، وهنا من شأن الدعم المباشر أن يقلص هذه الفوارق، وسيكلف الدولة 29 مليار درهم في حدود 2026.

المدخل الثالث هو الحكامة على مستوى السوق، بمعنى المنافسة الشريفة، على اعتبار أن الاقتصاد الطموح يمكن أن يفتح المجال أمام الإبداع والابتكار، وأي تنمية تنطلق من الإبداع. لذلك إذا كانت لدينا مقاولات وأشخاص قادرين على إبداع سلع وخدمات مبتدعة وفي سوق دولية ستتحقق التنمية. والتنمية غير ممكنة بدون تطور تكنولوجي، والإبداع غير ممكن دون جودة التكوين، وهنا سنعود مجددا إلى نقطة التربية والتكوين، وهو الأمر الذي تشتغل عليه الوزارة المعنية.

  1. يعيش المغرب  حاليا تحديات كبيرة على مستوى الماء والطاقة، لنبدأ بتحدي الماء، الوضع الحالي ينذر بتحديات كبيرة ترتبط خصوصا بالأمن الغذائي، ما تقييمكم لهذه التحديات؟ وكيف للمغرب أن يتجاوزها؟

طبعا هذا تحد كبير لأننا في خضم تدارك تماطل كان قد وقع في مواجهة هذا الإجهاد المالي، ضاعت سنوات بينما كان يمكن أن تنفذ هذه الاختيارات قبل 6 أو 5 سنوات أو أكثر. ورغم هذه الإكراهات فوزارة التجهيز والماء، قامت بمقاربة جديدة لتعبئة جميع الموارد، فمن الناحية المالية لاحظنا أن هناك 5 ملايير إضافية لميزانية الوزارة في كل سنة.

لاحظنا كذلك أن طريقة العمل اختلفت تماما وتم تعبئة مجموعة من الموارد البشرية بطرق متجددة، المسألة الأخرى تتمثل في تعبئة كل الإمكانات المتاحة،  تحلية مياه البحر، وكما تعلمون فنحن نتوفر على محطة آسفي.  إلى جانب محطة تحلية مياه البحر لشتوكة/سوس ماسة، التي تغطي 18 ألف هكتار فيما يخص الفلاحة، و هناك أيضا الداخلة الناضور والدار البيضاء التي تعرف استثمارات في محطات التحلية، الهدف في أفق 2027 هو أن تزود كل هذه المحطات المدن الكبرى الماء الصالح للشرب، هذه المحطات ستغطي الخصاص المتعلق بالماء الصالح للشرب بشكل كاف، بالتالي ستحقق هاتين الاستراتيجيتين التي تعتمدهما الحكومة الاكتفاء الذاتي.

  1. تستهلك الفلاحة كميات كبيرة من الماء بما يؤثر على الفرشة المائية في بعض المناطق، في نظركم هل الأولوية للماء أم للغذاء؟

هذه الفكرة مرتبطة بمتغير واحد هو نسبة تجديد المياه، مثلا في السنوات الماضية سنجد أن هناك سنة توفرت فرشة مائية جيدة وتمتلئ السدود، وبعد جفاف السدود ونقص مياه الآبار في السنوات اللاحقة تظهر هذه المشاكل وليس بالضرورة المزروعات الفلاحية هي التي تستهلك الفرشة المائية.

اليوم لدينا رؤية استراتيجية تتعلق بنوع الزراعات في إطار الجيل الأخضر،  أي الزراعات التي تتستهلك كميات أقل من الماء، ولا يجب علينا أن نعلق آمالنا على الزراعات البورية التي تخضع للتقلبات المناخية ما يجعلها غير كافية لتأمين الغذاء.

بالتالي يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الفلاحة المسقية تتحكم فيها المساحات، خصوصا أن الهدف هو الوصول إلى مليون هكتار مسقية. وبالنسبة للزراعات التي تحتاج كميات مائية كبيرة  أن تدفع تكلفة الماء بنفسها، وحينها سنتساءل هل ستكون لها نفس المردودية وهل سنستطيع تصديرها؟ وفي كل الأحوال نحن بحاجة إلى تصدير الخضراوات والفواكه للخارج  لأنها تشغل آلاف الأشخاص وتدر علينا العملة الصعبة.

ثم إن المغرب يستورد القمح الذي يتوفر على الماء مثلما أنه يصدر خضراوات وفواكه تتوفر على الماء من قبيل البطيخ والطماطم، وبقدر ما نصدر الماء نستورده  كذلك.

الأهم من كل هذا هو تأمين الماء الصالح للشرب للجميع، وكذلك الماء الصالح (للكسيبة)، والاستراتيجية التي يعمل عليها الجيل الأخضر لها مزيا كبيرة، ربما هناك إخفاقات في بعض المناطق وبعض التجارب، لكن على العموم الكميات التي تتوفر اليوم من الخضر والفواكه كافية، ولا توجد دولة تحقق الاكتفاء الذاتي التام في كل المواد الاستهلاكية. والمغرب يحقق 90% من لاكتفاء الذاتي الذي يحتاجه المغاربة من طرف وزارتي الماء والفلاحة.

  1. فيما يتعلق بالتحول الطاقي والهدروجين الأخضر ما هي آفاق هذا التحول بالموازاة مع الاستثمارات المعلنة ؟

يجب أن ندرك أن المغرب راهن على الطاقات المتجددة منذ سنوات وكان سباقا في استخدام الطاقات كالطاقة الشمسية والريحية، وأصبحت لديه اهداف طموحة جدا، ووضع هدف بلوغ  52٪ من استعمال الكهرباء عبر الطاقات المتجددة سنة 2030.

واليوم لدينا مشروع آخر هو الهيدروجين الأخضر الذي راهن عليه المغرب بشكل كبير وستدخل عن طريقه استثمارات ضخمة، وهو ما سيؤدي إلى نوع من الاستقلالية خصوصا أننا بلد  غير منتج للطاقة (البترول والغاز).

الاستثمار في التكنولوجيات الجديدة والطاقات البديلة رهان استراتيجي، لأنه سيمكننا من مواكبة التحول الصناعي، اليوم هناك معايير على المستوى الدولي تحدد لنا نسبة التخلص من الكاربون، فأي منتوج سنصدره نحو أوروبا أو أمريكا يجب أن لا يتجاوز نسبا معينة.

  1. أين وصل المغرب اليوم في مسألة التحول الصناعي واستعمال الطاقات المتجددة في الأنشطة الصناعية؟

لدينا تجارب رائدة، فالمكتب الشريف للفوسفاط مثلا الذي يستعمل الطاقات المتجددة في مجموعة من محطاته كما لديه قدرة على الإبداع والابتكار، ويمتلك وحدة للبحث العلمي متطورة جدا، لدينا كذلك منظومة متكاملة في صناعة السيارات تأخذ بعين الاعتبار مقاربة إزالة الكاربون سواء في طنجة أو في القنيطرة وغيرها.

كذلك الصناعات المعدنية التي تحتاج إلى المياه والكهرباء واليوم تحتاج إلى والطاقات الريحية المنتجة من محطات طانطان وطرفاية والناظور …،  وتستعمل هذه الطاقة حاليا في محطات توليد الكهرباء، بالإضافة إلى استعمال الطاقة الشمسية في الصناعة الفندقية، حيث تعمل المنظومة السياحية أيضا على النجاعة الطاقية.

2 تعليقات ل “ديواني: تأخرنا في إجراءات مواجهة الجفاف لسنوات وتحقيق التنمية يحتاج إلى طاقات إبداعية وتطور تكنولوجي”

  • AIT BAY ABDERRAHIM

    نعم كل هذا جميل
    ولكن يجب إعطاء الطاقات الشابة الأولوية خصوصا ان تكون الطبقة السياسية قدوة لتشجيع الشباب على تحمل المسؤولية

  • لبنى

    تبارك الله على سي جمال ، نتمنى ان تساهم انت ورفاقك البرلمانيين في اقتراح مشاريع تخرجنا من دوامة الجفاف والقحالة

أترك تعليقا