من يحمي لوبي المقالع بالمغرب؟ مجلس الحسابات يكشف معطيات مثيرة

معطيات مثيرة تلك التي كشف عنها تقرير المجلس الأعلى للحسابات بخصوص جرد المقالع، حيث وقف عند تضارب المعطيات بين مؤسسات الدولة الرسمية المعنية بهذا القطاع، وتأخر كبير في إعداد المخططات الجهوية لتدبير المقالع. وتطرح الإشكاليات التي يعرفها قطاع المقالع بالمغرب، أسئلة كثيرة حول أسباب تأخر إصلاحه وأسباب تضارب معطيات جرد هذه المقالع من مؤسسة إلى أخرى.

تضارب المعطيات الرسمية

ففيما يتعلق بتضارب البيانات، وقف التقرير عند التضارب الحاصل بين سجلات المديريات الإقليمية للتجهيز والماء والسجلات الوطنية لجرد المقالع.   وتبين، كذلك، من خلال مقارنة بيانات الوكالة الوطنية للمياه والغابات والسجلات الوطنية لجرد المقالع، أن هناك تضاربا في عدد مقالع الملك الغابوي. فعلى سبيل المثال، يورد التقرير، حدد السجل الوطني لجرد المقالع لسنة 2020 عدد هذه المقالع في 120 مقلعا، بينما لم تحص بيانات الوكالة الوطنية للمياه والغابات سوى ثمانية (8) مقالع في نفس السنة.

استغلال دون ترخيص

بخصوص الملك العمومي البحري، أكد التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم 2022 – 2023، أنه بالرغم من أن المقالع الموجودة به توجد في حالة توقف عن الاستغلال منذ سنة   2018،  ولم يتم الترخيص لأي منها منذ ذلك الحين، فقد لوحظ أن السجلين الوطنيين لجرد المقالع لسنتي 2019 و2020 لا يزالان يتضمنان البعض منها. في هذا الصدد، أشارت وزارة التجهيز والماء في جوابها إلى أن نشاط جرف الرمال من المقالع البحرية يتمثل في تسويق المخزونات المتراكمة قبل انتهاء التراخيص.

تأخر في إعداد السجلات

أبرز تقييم عملية إعداد وتحديث السجلات الوطنية لجرد المقالع عدة نقائص، ولاسيما فيما يخص البيانات الواردة على المصالح المركزية للوزارة الوصية من مستغلي المقالع.

أوضح التقرير، أنه على المستوى الجهوي، تم الوقوف على محدودية مساهمة المديريات الجهوية للتجهيز والماء في تجميع البيانات المتعلقة بتدبير استغلال المقالع وخاصة فيما يتعلق بإعداد السجلات الوطنية. أما على المستوى المركزي، فقد تم الوقوف على تأخر في إعداد هذه السجلات. ويعود آخر سجل متوفر إلى سنة 2020، ولم يتم إعداد السجل الوطني لجرد المقالع لسنة 2021الى حدود نهاية سنة 2022. بررت وزارة التجهيز والماء في جوابها التأخر الحاصل في إعداد سجلات المقالع لسنتي 2019 و2020 بالأزمة الصحية “كوفيد-19”.

 تجميد المخططات الجهوية

أوضح التقرير، أنه بالرغم من الأشواط التي قطعها هذا القطاع بعد صدور القانون رقم 27.13 المتعلق بالمقالع، لا يزال استغلالها يعرف مجموعة من الإشكاليات المتعلقة أساسا بتعدد المتدخلين وتراكم الاختلالات على مر السنين. وجاء القانون رقم 27.13 سالف الذكر، بعدة آليات لضمان توافق العرض والطلب وضبط إمداد السوق بمواد المقالع.

وتتجلى هذه الآليات أساسا في المخططات الجهوية لتدبير المقالع والتي تعتبر بمثابة توجهات استراتيجية وخارطة طريق لترشيد الاستغلال. غير أنه وإلى غاية نهاية سنة 2022، يؤكد التقرير، لا تزال جميع المخططات الاثني عشر قيد الإنجاز، مما يتعذر معه ضمان التوافق بين العرض والحاجيات من مواد المقالع، لاسيما وأن تدبير هذا القطاع يتطلب التوفيق بين تلبية الطلب وضبط التكلفة والحفاظ على التوازنات البيئية.

وحتى نهاية سنة 2022، لم يخرج أي مخطط جهوي إلى حيز الوجود، إذ لا تزال جميعها في المراحل الأولى من الإعداد بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات من الشروع فيها، وذلك رغم أن المدة التعاقدية لإنجازها لا تتعدى 14 شهرا. ويرجع هذا التأخير بشكل رئيسي، وفق المصدر نفسه، إلى صعوبة تعبئة الموارد المالية، وعدم توفر البيانات، وصعوبة التواصل بين الجهات الفاعلة، وطول مدة المصادقة على الدراسات.

في جوابها، أفادت وزارة التجهيز والماء أن هذه المخططات ستضع رؤية واستراتيجية متكاملة على مدى 20 عاما، وبالتالي يجب أن يكون إعدادها شاملا ودقيقا، علما بأن دراستها والموافقة عليها تنطوي على تدخل عدة جهات ويبقى النطاق الجغرافي للدراسة واسعا، الأمر الذي يتطلب آجال طويلة لإنجازها والموافقة عليها.

ثروة مهدورة

يعتبر قطاع استغلال المقالع من بين القطاعات المهمة في الاقتصاد الوطني، إذ يتيح إمداد قطاعي البناء والأشغال العمومية بمواد البناء، ويشغل هذان القطاعان حوالي 10% من السكان النشيطين ويحققان قيمة مضافة تناهز 72 مليار درهم، أي ما يقارب 6% من الناتج الداخلي الإجمالي. وقد بلغ الإنتاج الوطني من مواد المقالع سنة 2020، حوالي 258 مليون طن. ويتوفر المغرب على 2.920 مقلعا تغطي مساحة تقدر ب 35.611 هكتاراً وتدر مداخيل قدرت ب 3.6 مليار درهم خلال الفترة 2016-2021.

ويتم استغلال 1.682 مقلعا، حسب معطيات آخر سجل وطني لجرد المقالع لسنة 2020. ويقدر الإنتاج السنوي بحوالي 129 مليون متر مكعب، ويتكون الإنتاج بشكل أساسي من الحصى (35%) والرمل (18%) والتفنة (17%  ) والطين (10%) والرخام (1% ).

أترك تعليقا