الهند تنهي سنة 2023 بمواجهة ناجحة لشبح التضخم

الحسن الساجيد (ومع)

اجتازت الهند خلال السنة التي تشارف على النهاية سياقا عالميا مليئا بالصعوبات، غير أن ذلك لم يؤثر على مرونة اقتصاد هذه البلد الأكثر سكانا في العالم.

وسجل البلد نموا قويا فاق التوقعات، لكن التحديات لا تزال قائمة، لا سيما شبح التضخم الذي لازال يخيم على البلد.

وفي الوقت الذي تمكنت فيه المركبة الهندية تشاندرايان-3 غير المأهولة من الهبوط على سطح القمر في غشت الماضي، قطع اقتصاد البلد خطوات كبيرة، ليعزز مكانته بين القوى الكبرى التي سجلت نموا سريعا.

وخلال الفصل الأول من السنة المالية 2023 الممتدة إلى غاية مارس 2024، سجلت الهند نموا بنسبة 7,7 بالمائة، وذلك بفضل الاستثمارات في القطاع العام والاستهلاك الخاص، في حين تقلصت الصادرات بالموازاة مع التباطؤ الاقتصادي العالمي.

وقد تعزز هذا النمو من خلال انتعاش قطاع الصناعات التحويلية، بعد انكماشه في النصف الثاني من سنة 2022، وذلك بفضل برنامج الحوافز المرتبطة بالإنتاج الذي وضعته الحكومة في اطار رؤيتها الرامية لجعل البلد “مركزا للتصنيع العالمي”.

ودفع أداء البلد الآسيوي الذي تولى هذه السنة رئاسة مجموعة العشرين، مختلف المنظمات المتعددة الأطراف للمراجعة الايجابية لتوقعاتها للنمو.

ويتوقع صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والبنك الآسيوي للتنمية، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6,3 بالمائة هذه السنة.

وعلى الرغم من أنه أقل من معدل 7,2 بالمائة المسجل في العام السابق، فإن النمو السنوي المتوقع سيكون أسرع من نمو الصين، حيث سيضاعف نمو الاقتصاد العالمي (3 بالمائة)، وأربعة أضعاف نمو الاقتصادات المتقدمة (1,5 بالمائة).

وبهذا المعدل، فإن البلد الذي أصبح القوة الاقتصادية الخامسة في السنة الماضية، يتعين أن يتقدم للمركز الثالث عالميا بحلول سنة 2030، متقدما على اليابان وألمانيا، وذلك بفضل الإصلاحات الاقتصادية القوية، واليد العاملة الشابة، ومناخ دينامي لريادة الأعمال.

ومن خلال الاستفادة من العائد الديموغرافي الملائم، لا تستفيد الهند فقط من متوسط عمر (28 سنة) أقل من الصين والولايات المتحدة وأوروبا، بل تتوفر أيضا على نسبة عالية من السكان في سن العمل والتي يتعين أن تظل وفقا للخبراء، ملاءمة على الأقل العقدين المقبلين.

وكشفت الدراسة الدورية الأخيرة حول الشغل عن تطورات مشجعة، لا سيما فيما يتعلق بالشباب والمساواة بين الجنسين. ويشير الانخفاض المستمر في معدل البطالة السنوي بين الشباب، إلى جانب المشاركة المتزايدة لهذه الفئة العمرية مع الساكنة النشيطة، إلى تحسين أكثر فعالية لهذا العائد الديمغرافي.

التضخم: الحكومة وبنك الاحتياطي الهندي في حالة تأهب

في الوقت الذي احتفلت فيه الحكومة الهندية بمعدلات النمو المرتفعة في الربعين الأولين، ظل شبح التضخم يطاردها طوال السنة، لاسيما مع اقتراب الانتخابات التشريعية المرتقبة في ماي 2024، حيث سيترشح رئيس الوزراء ناريندرا مودي لولاية ثالثة.

وكان ارتفاع الأسعار عند الاستهلاك قد بلغ 7,1 بالمائة في المتوسط على أساس سنوي في شهري يوليوز وغشت 2023، مقابل 4,3 بالمائة في ماي 2023. وتعكس هذه الزيادة توترات على أسعار المواد الغذائية، وبشكل أكثر تحديدا على أسعار الخضروات والحبوب، والتي تفاقمت بسبب الظروف المناخية مع تساقطات غير منتظمة وفترات جفاف طويلة.

ولاحتواء هذه الزيادة، نفذت الحكومة العديد من التدابير “الحمائية”، من بينها على الخصوص منع تصدير الأرز غير البسمتي والبصل وفرض ضرائب إضافية على صادرات الأرز المسلوق، فضلا عن تعديل حدود التخزين.

وعلى الرغم من هذه التدابير، التي انتقدها بعض الاقتصاديين، ارتفع التضخم مرة أخرى في نونبر عند 5,55 بالمائة بعد شهرين من الاستقرار، فيما لا زالت التوقعات العامة غامضة.

وحذر البنك المركزي بالبلد من أن “هدف مواءمة التضخم بشكل مستدام مع هدف 4 بالمائة ليس مضمونا على الإطلاق. وإذا لم يتم إعادة التضخم إلى الهدف، فهناك فرصة قوية لضعف النمو”.

أترك تعليقا