“جرائم ياقات بيضاء” في التجهيز.. بالوثائق هذه تفاصيل التلاعبات والاختلاسات بالطريق السريع تيزنيت – الداخلة (2)

- المغرب الاقتصادي
- الأربعاء, 18 ديسمبر 2024, 16:00
ما الذي يحصل بوزارة التجهيز والماء، التي يسيرها نزار بركة، على مستوى الصفقات العمومية وبالخصوص الصفقات المرتبطة بالطرق؟ وقائع ووثائق، بحسب معطيات موثقة ومراسلات وتحليلات خبراء، تشير إلى أن الاختلالات والتلاعبات في المال العام المرتبطة بهذه الصفقات، صفقات الطرق خاصة، قد ترقى إلى مستوى “جرائم الياقات البيضاء”.
مصطلح “جرائم الياقات البيضاء”، يطلق على الجرائم غير العنيفة المرتكبة لدوافع مالية من قبل رجال الأعمال وأصحاب النفوذ. مصطلح عرفه مختصون في علم الاجتماع بكونه جرائم يرتكبها فرد أو أفراد من ذوي الطبقات الاجتماعية العليا ولهم مكانة مرموقة في مجال مهنهم واشتغالهم.
سياق الموضوع، يأتي ارتباطا بما وقع من اختلالات في الصفقة المتعلقة بالمراقبة الطبوغرافية لأشغال إنجاز الطريق السريع بين تيزنيت والداخلة، الحصة 2 من المقطع تيزنيت – كلميم، بين نقطتين كيلومتريتين محددتين ويتعلق الأمر بالنقطة الكيلومترية 37 + 000 والنقطة الكيلومترية 76 + 000 .
مقرر الإقصاء المؤقت
يشير مقرر الإقصاء المؤقت، الذي وقعه وزير التجهيز والماء، نزار بركة، بتاريخ 28 أكتوبر 2024، إلى أن مكتب الهندسة الطبوغرافية “TOPORIS ” قدم وصادق على كميات التتريبات ( quantités de terrassements, déblais et remblais) ، من أجل احتسابها في جدول المنجزات، تفوق بكثير الكميات المنحزة فعلا من طرف المقاولة صاحبة صفقة الأشغال مما أدى إلى صرف مبالغ غير مستحقة لهذه المقاولة، وعليه يكون مكتب الهندسة الطبوغرافية “TOPORIS ” قد ارتكب خطأ وإخلالا خطيرا بالتزاماته التعاقدية.
بموجب هذا المقرر أقصي مكتب الهندسة الطبوغرافية “TOPORIS ” من المشاركة في صفقات صندوق تمويل الطرق بصفة مؤقتة لمدة خمس سنوات، ابتداء من تاريخ توقيع مقرر الإقصاء.
تلاعبات في الكميات
تظهر وثيقة الصفقة المتعلقة بهذه الأشغال في الفقرة الواردة بجدول الكميات، تتوفر جريدة “المغرب الاقتصادي” على نسخة منها، أن الشركة الفائزة بالصفقة تلاعبت في الكميات المصرحة بها والكميات المنجزة فعلا وواقعا. بحيث إن المقاولة خفضت وقلصت الكميات بشكل كبير على مستويين، في حين زادت كميات إضافية في مستوى واحد.
بحسب تحليل خبراء في المجال، استعانت بهم الجريدة، فإن كميات المواد التي تم تقليصها والتلاعب فيها بخفضها وخاصة مادة remblais بنوعيها المشار إليهما في الوثيقة المنشورة أسفله، قيمتها المادية مرتفعة بالنسبة لكل متر مكعب في السوق مقارنة مع قيمة المادة التي تمت زيادة كميات إضافية في حجمها وهي مادة déblais.
بالأرقام قلصت المقاولة من مادة Remblais ordinaire أزيد من 216 ألف متر مكعب، وفي مادة Remblais de grand hauteur ، قلصت كمية تقارب 213 متر مكعب.
في المقابل زادت كمية إضافية في مادة déblais بما يقارب 62.5 ألف متر مكعب، وهي رخيصة الثمن مقارنة مع مادة Remblais التي قلصت المقاولة كميتها، بنوعيها.
أسئلة معلقة في انتظار أجوبة بركة واليوسفي
نزار بركة وزير التجهيز والماء، وخالد اليوسفي رئيس الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين، كل حسب مجال اختصاصه.
السؤال الأول:
كيف تم تمرير وإجازة هذه الاختلالات وصرف مبالغ غير مستحقة في كل تقارير المراقبة التي تمت على مستوى مصالح متعددة داخلية وخارجية؟
السؤال الثاني:
لماذا لم تتدخل الوزارة باعتبارها صاحب المشروع قبل نهاية الأشغال على اعتبار التقارير الدورية المحينة في كل مرحلة من مراحل الإنجاز؟
السؤال الثالث:
لماذا لم توجه المراسلات والتقارير التي رصدت هذه الاختلالات إلا بعد صرف المبالغ المالية الخاصة بإنجاز الأشغال لفائدة المقاولة ؟
السؤال الرابع:
بعد أن توصل نزار بركة بكل هذه الاختلالات لماذا لم يحل الملف على جهة أو جهات الاختصاص للتدقيق والمحاسبة وخاصة مصالح النيابة العامة؟
السؤال الخامس:
توصلت رئاسة هيئة المهندسين الطبوغرافيين بشكاية بهذا الخصوص من الإدارة “الوزارة” وتم إحالتها على المجلس الجهوي لفاس، بحكم الاختصاص الترابي، لماذا لم تدرس الرئاسة تفاصيل الشكاية على مستوى المجلس الوطني وتتخذ القرار المناسب بخصوص الإحالة على جهة الاختصاص في التدقيق والمحاسبة في مثل الاختلالات المتعلقة بالمال العام؟
السؤال السادس:
لماذا تمت معاقبة مكتب الدراسات الطبوغرافية لوحده، بالإقصاء من الصفقات لمدة 5 سنوات، وتكييف الاختلال الواقع على أنه خطأ مهني؟
السؤال السابع:
لماذا تم اقصاء مكتب الدراسات الطبوغرافية من المشاركة في صفقات صندوق تمويل الطرق، فقط وحصرا، دون غيرها من صفقات الوزارة المماثلة؟
السؤال السابع وهو الأخير في ترتيب الأسئلة المطروحة، يطرح على الوزير بركة بالتحديد، وبصيغة أخرى سؤالا ثامنا :
ما فترة حياة صندوق تمويل الطرق؟ هل انتهى زمنه؟ أم أنه مستمر وما الجدوى منه بعد نهاية الهدف الذي أحدث من أجله؟
الجواب على هذا السؤال الثامن قد يفسر سياقات وحيثيات مقرر إقصاء مكتب الدراسات الطبوغرافية لوحده من المشاركة في صفقات صندوق تمويل الطرق لخمس سنوات.
- آخر الأخبار, أبرز العناوين, الرئيسية, مؤسسات, ملفات
- 1 تعليق
محمد بلحسن
مساء الخير،
شكرًا على هذا المقال الصحفي الذي يثلج الصدر ويُبشّر بتقدم ملحوظ في تطوير الصحافة الاستقصائية بالمغرب، بأسلوب فني مبتكر تطلب مني 25 سنة من الجهد والإبداع، بدأت تحديدًا يوم الأربعاء 26 يناير 2000، بورش الطريق السيار الرابط بين الدار البيضاء وسطات. هذه اللمسة الإبداعية تحمل اسم “l’InGJournalisme”، وهو منهج فريد يجمع بين كفاءات عالية في مجال الهندسة والصحافة، مع الالتزام بأخلاق متميزة، ونقاء اليد والعقل، وروح وطنية صادقة.
ومن هذا المنبر، أستعطف السيد وزير التجهيز والماء، الدكتور في الاقتصاد نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، أن يُصدر تعليماته بنشر أرشيف جميع الصفقات العمومية المتعلقة بمشروع الطريق السريع تزنيت-الداخلة على موقع إلكتروني رسمي. هذا الإجراء سيمكّن كل خبير بالفطرة، وكل فاضح للفساد، وكل مواطن مهني غيور، من تحليل جوانب المشروع المرتبطة بالمالية العمومية، وإعداد تقارير مهنية تُرفع إلى المؤسسات الدستورية المعنية، وعلى رأسها النيابة العامة، باعتبارها محامي المجتمع، وإلى المجلس الأعلى للحسابات، الحارس الأمين على قدسية المال العام.
إن تعزيز الشفافية والعدالة في تدبير الشأن العام لا يمكن تحقيقه إلا بفتح المجال أمام الجميع لتحليل المشاريع الكبرى وإبداء الملاحظات بشكل مسؤول ومبني على أدلة علمية ومنطقية.
شكرًا لجريدتكم الإلكترونية التي توفر مساحة للتعبير عن مثل هذه الأفكار، ودمتم منبرًا لدعم المصلحة العامة وخدمة الوطن.