عمور لـ “المغرب الاقتصادي”: نطمح إلى جعل المغرب من أفضل 15 وجهة سياحية عالميا وما تحقق في القطاع ليس وليد الصدفة

شهد المغرب في الآونة الأخيرة انتعاشا سياحيا لافتا تجاوز التوقعات المسطرة. وتعززت الدينامية السياحية للمملكة بفعل جملة من الإجراءات والخطوات التي دفعت نحو سلاسة الاستقطاب الخارجي بالموازاة مع إطلاق عدد من البرامج التي استهدفت السياحة الداخلية.

في هذا الصدد، ولتسليط الضوء على ما تحقق على هذا المستوى، تبسط فاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، في هذا الحوار مع جريدة “المغرب الاقتصادي”، حصيلة الوزارة ومنجزاتها بنهاية منتصف الولاية الحكومية، علاوة على الرؤية الجديدة وخارطة الطريق السياحية وما يرتبط بها من تأهيل القطاع وتحسين خدماته.

فيما يلي نص الحوار:

  1. ما حصيلة الوزارة في قطاع السياحة بعد مرور نصف الولاية الحكومية؟

بمرور نصف فترة الولاية الحكومية، نحن سعداء بالتقدم الكبير الذي حققه قطاع السياحة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله.

فخلال سنة 2023، شهدنا ارتفاعا تاريخيا في عدد السياح الذين زاروا بلادنا، والذي بلغ عددهم 14.5 مليون سائح، وهو رقم قياسي جديد للقطاع. كما تقدمنا بشكل ملحوظ في تصنيف منظمة السياحة العالمية، حيث ارتقينا من المرتبة 34 في سنة 2019 إلى المرتبة 22.

هذه النتائج ليست وليدة الصدفة، بل هي نتيجة للإجراءات الاستراتيجية التي اتخذناها منذ بداية الولاية الحكومية. ففي غضون ثلاثة أشهر فقط، أطلقنا برنامج استعجالي بقيمة 2 مليار درهم لدعم القطاع السياحي، بهدف الحفاظ على الوظائف وتأهيل البنية التحتية السياحية لاستقبال الزوار مجدداً بعد جائحة كوفيد 19. كما تم تنفيذ برنامج لإنعاش القطاع، ركزنا فيه على الترويج السياحي لوجهتنا وتعزيز الربط الجوي. بعد ذلك قمنا خلال مارس 2023، بإطلاق خارطة طريق السياحة 2023-2026، والتي بدأت تعطي ثمارها، فبعد الأرقام القياسية لسنة 2023، نستمر في تحقيق نتائج جد إيجابية في 2024 حيث استقبلنا إلى حدود شهر يونيو 7,4 مليون سائح بنمو بنسبة 14%  مقارنة بالسنة الماضية.

  1. على ماذا تستند خارطة الطريق السياحية وهل تعتقدون أن الرؤية الجديدة التي أعلنتها الوزارة ستحقق أهدافها كاملة؟

قبل ذلك، سنذكر برؤيتنا الطموحة للسياحة، التي تهدف إلى استقطاب 26 مليون سائح بحلول سنة 2030، وجعل المغرب من أفضل 15 وجهة سياحية عالميًا. كخطوة أولى نحو هذه الرؤية، وضعنا خارطة الطريق 2023-2026، التي تهدف إلى استقطاب 17.5 مليون سائح بحلول 2026 وخلق 200،000 منصب شغل .

وتتمثل الخطوط العريضة لهذه الخارطة في تبني تصور جديد للعرض السياحي، يرتكز على تجربة السائح، حيث قمنا بوضع 9 سلاسل موضوعية مختلفة مثل سياحة المدن، السياحة الثقافية، سياحة الرياضات المائية، سياحة الأعمال و 5 سلال أفقية تخص المطبخ المغربي والمنتوجات المجالية، المهرجانات والمواسم، والصناعة التقليدية والمهارات المحلية والإيواء البديل.

ولتنزيل العرض السياحي، نستند في خارطة الطريق على روافع أساسية، تهم زيادة الربط الجوي، عبر فتح خطوط جديدة والزيادة في المقاعد الجوية، بهدف مضاعفة عدد الرحلات المباشرة. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر زيادة الاستثمار في الإيواء السياحي والعرض الترفيهي أولوية من أجل تنويع وإغناء العرض السياحي لوجهتنا، بالإضافة إلى تكوين الموارد البشرية في القطاع من أجل الرفع من جودة الخدمات ومطابقتها مع المعايير الدولية.

نحن جد متفائلون وواثقون من أن خارطة الطريق ستحقق أهدافها الطموحة، وقد بدأت بالفعل تؤتي ثمارها، حيث ولحد الآن لم تقتصر على تحقيق أهدافها بل تتجاوزها.

  1. ما الذي تحقق من خلال برنامج “ Go SIYAHA” ؟

للتذكير،”GO سياحة” برنامج طموح يهدف إلى دعم و مواكبة 1700 مقاولة سياحية، وخلق عرض ترفيهي مبتكر ومتنوع.

ولبلوغ هذه الأهداف، يقترح البرنامج ثلاث آليات، يقدم من خلالها منحا استثمارية تصل إلى 40% من تكلفة المشروع، بالإضافة إلى مساعدة تقنية تغطي حتى 90% من التكاليف، لدعم المبادرات التنموية للقطاع في جميع جهات المملكة.

ومنذ إطلاقه في فبراير 2024، تلقى برنامج “GO سياحة” أكثر من   700طلباً للتمويل والدعم التقني، مما يعكس الاهتمام الكبير الذي لقيه البرنامج لدى الفاعلين السياحيين ورغبتهم الملموسة بأن يصبحوا أكثر تنافسية.

ومن خلال مواكبة 1700 مقاولة سياحية في افق 2026، نهدف إلى تطوير تجارب سياحية فريدة، ونسيج من المقاولات السياحية المبتكرة، مما يعزز جاذبية المغرب على المستوى الدولي ويساهم في إرساء سياحة صامدة، مبتكرة ومستدامة.

في هذا الإطار، تم تجاوز مرحلة مهمة، مؤخرا، بتنظيم قافلة شملت الجهات الـ 12 للمملكة، تضمنت 50 ملتقى لتعريف الفاعلين المحليين بالحلول التي يقدمها برنامج “GO سياحة”. ونحن مستمرون في دراسة الملفات المقدمة، وفي توعية الفاعلين بأهمية تطوير عروضهم السياحية استعدادا للتدفق الكبير المتوقع من السياح وللتظاهرات العالمية التي ستستضيفها بلادنا والتي تتطلب منا خلق تجارب سياحية تساهم في ارساء المغرب كوجهة سياحية عالمية متميزة.

  1. ما طبيعة المواكبة التي تقدمها الوزارة للمؤسسات السياحية التي في وضعية صعبة والمؤسسات السياحية الصغيرة؟

مواكبة مهنيي السياحة من الأوراش التي ركزنا عليها منذ بداية الولاية الحكومية وبآليات متعددة. منها المخطط الاستعجالي بقيمة 2 مليار درهم، الذي مكن من تخفيف العبء على المهنيين بعد جائحة كوفيد ومكن 800 مؤسسة إيواء سياحية من استقبال السياح في أحسن الظروف.

وقد كانت هذه الجهود فعالة، حيث تمكنا من الحفاظ على الوظائف واسترجاع 84% من عدد الوافدين ما قبل الجائحة في سنة 2022.

بالإضافة إلى ذلك، جعلنا من أولوياتنا ايجاد مستثمرين من أجل إعادة فتح وتطوير الفنادق المغلقة، الشيء الذي سيعزز النشاط السياحي ويخلق فرص شغل جديدة.

وبدأنا بالفنادق المتواجدة بأكادير والتي تحتوي على عدد مهم من الفنادق المغلقة، وحاليا نركز على الفنادق المتواجدة بورزازات وزاكورة .

كذلك، وكجزء من خارطة طريق السياحة، أطلقنا عدة مبادرات لمواكبة وتطوير المؤسسات السياحية.

وبالإضافة لبرنامج “GO سياحة” الذي تحدثنا عنه سابقا، والذي ستستفيد منه 1700 مقاولة سياحية وسيخلق عرضًا سياحيًا مبتكرًا وغنيًا في الجهات الـ 12، أطلقنا مؤخرًا “CAP Hospitality”، وهي آلية حكومية فريدة من نوعها وغير مسبوقة لتحديث 25،000 غرفة مبيت لم يتم تجديدها خلال السنوات الخمس الماضية، عبر توفير قروض تتحمل الدولة الفوائد المترتبة عنها.

  1. ما الإجراءات العملية التي ستمكن من تعزيز استقطاب السياح الأجانب وتعزيز السياحة الداخلية أيضا من حيث الخدمات والأسعار؟

في إطار خارطة الطريق السياحية سطرنا أهدافا واضحة. ومن أجل تحقيقها نشتغل على جميع الروافع الأساسية، وخصوصا الربط الجوي والترويج والتسويق بالنظر إلى آثارها المباشرة على عدد الوافدين.

وفيما يخص السياحة الداخلية، نقوم بالترويج لثروات بلادنا بالتعاون مع المكتب الوطني المغربي للسياحة من خلال حملة “نتلاقاو فبلادنا” التي تركز على التجارب الجماعية مع الأصدقاء والعائلة، و حملة “Yalla Morocco” مع المكتب الوطني للسكك الحديدية، والتي ستمكن من تسويق تذاكر السفر بامتيازات وتخفيضيات.

علاوة على ذلك، ندرك أهمية الإيواء كعامل أساسي للسياح المغاربة، لذا نشتغل على تطوير خيارات إيواء متنوعة تلبي احتياجات الأسر والقدرة الشرائية.

وفي هذا الاطار، نقوم بتسريع اعتماد القانون رقم  80-14 المتعلق بمؤسسات الإيواء السياحي لتشمل أشكالاً جديدة من الإيواء مثل الإيواء عند الساكنة والإيواء البديل، لضمان توفير وحدات إيواء مبتكرة وذات جودة عالية.

وهدفنا الرئيسي عبر هذه المبادرات هو تسهيل السفر على مدار السنة وتنويع التجارب المقترحة.

وبالموازاة مع ذلك، نتقدم في جميع البرنامج الأخرى التي تخص العرض السياحي و الإيواء و الترفيه وتحسين جودة الخدمات. ونعمل، أيضا، على تطوير منتجات سياحية جديدة تشمل الطبيعة والسياحة داخل المدن والثقافة، وهي منتجات يمكن الاستمتاع بها طول السنة.

  1. هل تكفي الرؤية التي اعتمدتها الوزارة لإنعاش القطاع السياحي بالمغرب سواء من حيث الوجهات السياحية وتنويعها أو من حيث البنيات التحتية والخدمات؟

بالطبع، الرؤية التي اعتمدناها لتطوير القطاع السياحي بالمغرب هي رؤية شاملة وطموحة تتطلع إلى جذب 26 مليون سائح بحلول عام 2030، وجعل المغرب من بين أفضل 15 وجهة سياحية في العالم. هذه الرؤية ليست فقط طموحة بل واقعية أيضًا، لأنها تستند إلى خارطة طريق مدروسة بعناية.

وبالفعل، كخطوة أولى لتحقيق هذه الرؤية كما قلنا سابقا، وضعنا خارطة طريق تغطي الفترة من 2023 إلى 2026، وقد خصصت لها الحكومة ميزانية ضخمة تبلغ 6.1 مليار درهم. هذه الخارطة ليست فقط خطة نظرية بل خطة عملية بدأت بالفعل تؤتي ثمارها.

وعندما قمنا بتطوير هذه الخارطة بالتعاون مع الفاعلين في مجال السياحة، حرصنا على أن تكون شاملة وتغطي جميع الجوانب لضمان خلق دينامية سياحية في جميع جهات المملكة. وللتوضيح فهذه الخارطة ليست ثابتة، بل قابلة للتطور، حيث بدأنا بالسلاسل ذات الأولوية و التي سجلت مستويات نضج كاف، ونعمل على إدماج سلاسل أخرى مستقبلًا.

كما أن هذه الرؤية أخدت بعين الاعتبار الطابع الأفقي لقطاع السياحة، لذلك وضعت آليات للحكامة تضمن التنسيق والتعاون، كاللجان التي يتم إحداثها على عدة مستويات، مثل اللجنة الوطنية التي يترأسها السيد رئيس الحكومة، والتي تعرف تَدَخُّل كل القطاعات الوزارية المعنية كالداخلية والمالية والثقافة والنقل.  وكذلك لجان أخرى، كلجان التتبع الجهوية التي يترأسها السادة الولاة.

One Reply to “عمور لـ “المغرب الاقتصادي”: نطمح إلى جعل المغرب من أفضل 15 وجهة سياحية عالميا وما تحقق في القطاع ليس وليد الصدفة”

أترك تعليقا