وزراء الاقتصاد والمالية في الحكومات المتعاقبة بالمغرب – عبد اللطيف الجواهري ( الحلقة 17)

له موقع خاص في التشكيلة الحكومية، قبل دولة الاستقلال كان يطلق عليه أمين الأمناء،  وقبل أن يسمى وزير المالية والاقتصاد. غالبا ما تكلف بهذه الوزارة شخصيات من عائلات مخزنية أو خبراء وشخصيات لها تكوين خاص، لكن باستقراء التاريخ المعاصر فالظرفية السياسية تتحكم في اختيار الوزير الذي ستناط به مهمة تدبير مالية الدولة وجبايتها. فمن هم هؤلاء الوزراء وما هي بصمة كل منهم على القطاع ؟

17. عبد اللطيف الجواهري.. مايسترو السياسة النقدية بالمملكة

هو والي بنك المغرب الحالي منذ سنة 2003 ،  تحمل المسؤولية الوزارية عن سن 39  سنة و8  أشهر في الخامس من شهر نونبر سنة 1981 بعد تشكيل الحكومة السابعة عشر برئاسة المعطي بوعبيد وهي الحكومة التي استمرت في مهامها  إلى 30 نونبر 1983، وفيها تولى لأول مرة المصرفي عبد اللطيف الجواهري حقيبة المالية، وسيستمر في المنصب ذاته  في الحكومة الثامنة عشر التي ترأسها الوزير الاول محمد كريم العمراني التي امتدت من 30 نونبر 1983 إلى 11 ابريل 4198 كما عهد اليه نفس المنصب في الحكومة التاسعة عشر برئاسة محمد كريم العمراني المعينة في شهر 11 أبريل 1985 واستمرت إلى 11 غشت 1992.

قبل ذلك كان قد التحق االجواهري المزداد من مواليد 10 يونيو  1939 بمدينة فاس  بمصالح البنك المركزي وهو ابن الثالثة والعشرين, وتقلد به عدة مناصب مسؤولية (1962-1978), وعلى مشارف العقد الرابع من عمره عينه الملك الراحل الحسن الثاني وزيرا منتدبا لدى الوزير الأول مكلف بإصلاح المؤسسات العمومية من 10اكتوبر 1978 الى 5 نونبر 1981, ونال مُجددا سنة 1986 الثقة الملكية، ويعين وزيراً للمالية للفترة ما بين 1981 و1986. وبعدها غادر من السفينة الحُكومية، عائداً إلى عالم النقديات، من باب البنك المغربي للتجارة الخارجية، الذي شغل منصب مديره العام في الفترة ما بين 1986 وحتى 1995. وهي الفترة ذاتها التي ترأس فيها المجموعة المهنية لبنوك المغرب. كما تم تعيينه مديراً عاماً للصندوق المهني المغربي للتقاعد في عامي 2002 و2003. وفي عام 2003، ستبدأ حقبة جديدة في حياة عبداللطيف الجواهري، بعد تعيينه واليا لبنك المغرب، ويكون بذلك “المايسترو الصارم” للسياسات النقدية في البلاد.

حصل عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب، بداية شهر يناير من السنة الجارية 2024، على “جائزة أفضل محافظ بنك مركزي بإفريقيا برسم 2024″، التي تمنحها مجلة (ذا بانكر) التابعة لمجموعة (ذا فاينانشيال تايمز, وهي جائزة تمنح لمحافظي البنوك المركزية الذين حققوا نجاحا كبيرا في تحفيز النمو وتحقيق الاستقرار في اقتصاداتهم. وتم اختباره حسب المجلة، في بيان أعلنت فيه عن نتائج الجوائز، أن “عبد اللطيف الجواهري هو والي بنك المغرب منذ أكثر من 20 عاما، ساعد في قيادة القطاع البنكي والاقتصاد في البلاد خلال فترة ولايته التي تميزت بنمو ملحوظ”.

وأضافت أن الجواهري حصل على “جائزة أفضل محافظ بنك مركزي بإفريقيا” تقديرا لدور بنك المغرب في جهود الإغاثة في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب المغرب في شتنبر ونجاحه في مكافحة التضخم.

كما صنفت مجلة (غلوبال فايننس) الأمريكية، عبد اللطيف الجواهري، ضمن قائمة أفضل محافظي البنوك المركزية في العالم لمسنة 2023 ونال درجة “أ-“، في التقرير الصادر عن المجلة الأمريكية، الذي يحمل عنوان “Central Banker Report Cards 2023”. ويصنف التقرير، الذي تصدره (غلوبال فايننس) سنويا منذ 1994، محافظي البنوك المركزية في أزيد من 101 بلد وإقليم ومنطقة رئيسية، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، والبنك المركزي لشرق الكاريبي، وبنك دول إفريقيا الوسطى، والبنك المركزي لدول غرب إفريقيا.

خبرته الطويلة في المجال المالي، والتي تكللت بقيادته المؤسسة النقدية الأولى في البلاد. التي نجح خلال ما يناهز العشرون عاماً في الصمود في وجه العديد من الأزمات الدولية، وحماية السوق النقدية الوطنية من تبعاته، جعلت عبد اللطيف الجواهري يحمل لقب “رجل الأزمات”.

ولأنه خبر الأزمات المالية العالمية بشكل دقيق، فان ذلك شكل لديه مناعة تدبيرية قوية، مكنته من تجاوز الهلع والقرارات الارتجالية، وهو ظهر جلياً في تدبير البنك المركزي للأزمة التي خلفتها جائحة كورونا، أو موجة التضخم العالمي الأخيرة، التي واجهها البنك المركزي المغربي بحنكة، وهي الحنكة التي مكنت من الحفاظ على قيمة الدرهم المغربي أمام العملات العالمية، وساهمت في الحفاظ على التوازنات المالية للبلاد وخففت على العملة الوطنية تداعيات التضخم العالمي.

أترك تعليقا