وزراء المالية والاقتصاد في الحكومات المتعاقبة بالمغرب – عبد القادر بنجلون (الحلقة 2)

له موقع خاص في التشكيلة الحكومية. قبل دولة الاستقلال كان يطلق عليه أمين الأمناء، قبل أن يسمى وزير المالية والاقتصاد. غالبا ما تكلف بهذه الوزارة شخصيات من عائلات مخزنية أو خبراء وشخصيات لها تكوين خاص، لكن باستقراء التاريخ المعاصر فالظرفية السياسية تتحكم في اختيار الوزير الذي ستناط به مهمة تدبير مالية الدولة وجبايتها. فمن هم هؤلاء الوزراء وما هي بصمة كل منهم على القطاع ؟

2. عبد القادر ابن جلون وزير مالية حكومة البكاي

تولى عبد القادر ابن جلون مهمة وزير المالية بين 7 ديسمبر 1955 و20 أكتوبر 1956 في أول حكومة في المغرب بعد استقلاله عن فرنسا سنة 1955.   حينها تم تأسيس المجلس الحكومي برئاسة البكاي بن مبارك الهبيل، وبتعيين من الملك محمد الخامس يوم 7 دجنبر 1955 واستمرت في مهامها حتى 25 أكتوبر 1956. .

إنها الحكومة التي تم تعيين أعضاء الحكومة بمقتضى ظهير شريف نشر في العدد 2252 من الجريدة الرسمية بتاريخ 23 ديسمبر 1955، بعد أن أدى أعضاء الحكومة اليمين يوم 7 ديسمبر 1955، وحددت مهمتها في اجراء مفوضات مع فرنسا من أجل توقيع وثيقة الاستقلال ولكن أيضا وضع اللبنات الاولى للاقتصاد الوطني، وهو ما ستتكلف به حكومة البكاي المعدلة .

وعبد القادر بنجلون المزداد سنة 1908 هو محامٍ وسياسي ثوري شهير، شغل منصب وزير المالية ،  وبعد خمس سنوات وفي عهد الحسن الثاني، سنة 1962، شغل وزيرا منتدبا مكلفا بالشغل، واهتم كثيرا منذ تلك الفترة المبكرة بالتكوين المهني بمساعدة زوجته لينا، ثم عاد وزيرا للعدل  بين 13 نوفمبر 1963 و20 غشت 1964.

وكان له دور بارز في إصلاح العدالة وتطهيرها وتوحيد قوانينها ومغربتها، كما كان ضد الشطط الذي تمارسه أجهزة الأمن آنذاك. وكان أيضا رئيسًا لنادي الوداد الرياضي من عام 1942 إلى عام 1944.

عرف عن الرجل وطنيته، وشغل مهمة نائب الأمانة العامة عن محمد بن الحسن الوزاني في حزب الشورى، ولكونه محامي  فكان يترافع عن الوطنيين في السجون، رفقة محام فرنسي اسمه «شارل لوكران»، حيث كانا معا يترافعان لصالح الوطنيين في المحاكم العسكرية، وتعرض لمحاول اغتيال على يد جماعة اليد الحمراء كان يترأسها الفرنسي «أفيفال»، الذي كان يملك خمارة في حي «لاجيروند»، بعد أن خططوا لتفجير «الفيلا» التي كان يستقر بها والتي كانت تقع أمام مستشفى ابن رشد، غير أن مخططهم انكشف عندما فشلوا في تفعيل القنبلة.

كتبت ابنته لطيفة بنجلون- العروي  مؤلفا عنه، وهي للتذكير زوجة المفكر المغربي عبد الله العروي، وسمت الكتاب : «عبد القادر بنجلون: حياة –    Abdelkader benjaloun UNE VIE ” يتناول سيرة والدها المحامي والوزير السابق ويقع  في 205 صفحات باللغة الفرنسية نشر عام 2019.

وتروي الابنة سيرة الأب المزداد في أبريل 1908، وعبوره من المسيد إلى كوليج مولاي إدريس ببرنامجه الدراسي وأساتذته وعالم الأصدقاء وتشكل روح المغامرة في عالم يتداخل فيه التقليدي بالحداثي، قبل العبور إلى الدراسة في باريس، للعلوم السياسية والقانونية (1928) والتقائه بلينا فلوش المثقفة والكاتبة لصحفية وابنة صحفي ألماني وأم نمساوية التي سترافقه، زوجة ما بقي من حياته. تزوجا وخلفا لطيفة أولا ثم جميل وأمينة.

وهناك في باريس عاصمة “بلاد الانوار” انضم إلى جمعية الطلبة المغاربة والتي أصبحت فرعا من جمعية الطلبة المسلمين بشمال افريقيا، واختار أن يكون هو ولينا في مجلة المغرب التي كانت تدافع عن حقوق الأمة المغربية. قبل أن يعود مستقرا بالمغرب في سنة 1934، وتمرن خلال ثلاث سنوات في عدد من مكاتب المحاماة الكبرى ليكون ثاني محامي مغربي بعد الأستاذ أحمد زروق والمدافع الشرس عن رجالات المقاومة، ومن أبرزهم محمد الحنصالي ومحمد سميحة والنقابيين.

وشغل كذلك، منصب نقيب بالدار البيضاء مرتين ( 1959- 1961)، تاركا بصمته في هذا المجال بمكتبه بزنقة الطاهر السبتي، قبل أن يتنقل الى دار البقاء في 8 ماي سنة 1992  بالدار  البيضاء.

أترك تعليقا