جدري: الشقق الاقتصادية غير معنية بدعم الدولة.. والتحايل على القانون خلق ضغطا على السكن

أطلقت الدولة آلية جديدة لدعم وتسهيل الولوج السكن لفائدة المواطنين والمواطنين الذي يرغبون في اقتناء السكن لأول مرة، وخصصت لذلك دعما ماديا مهما بشروط. ويرافق هذا التوجه مجموعة من الأسئلة من مثل:

هل هذا التوجه نحو دعم الراغبين في اقتناء السكن عوض دعم المنعشين العقاريين خيار جيد لتسهيل الولوج الى السكن؟ وهل تكفي الشروط الموضوعة للاستفادة لضبط المعاملات العقارية دون السقوط في التلاعبات والاختلالات كظاهرة “النوار”؟ وهل يكفي مبلغ الدعم لاقتناء سكن في المدن الكبرى وما المطلوب لتحقيق عدالة مجالية في هذا الباب؟

ولماذا لم يستحضر البرنامج البناء الذاتي في الدعم؟ ثم في ظل النقص الكبير في الوعاء العقاري خصوصا في المدن الكبرى، هل يكفي هذا الدعم للتشجيع على تملك السكن والولوج إليه؟

إلى جانب ذلك تشتكي العديد من مقاولات الإنعاش العقاري من الشروط الجديدة التي أتى بها البرنامج الجديد، خصوصا تلك التي شيدت شققا سكنية منذ سنوات، هل يشمل البرنامج هذه الشقق؟ وكيف يمكن إدماجها فيه؟

الخبير الاقتصادي، محمد جدري، يجيب على هذه الأسئلة في هذه الورقة:

اعتبر جدري أن الحكومة اليوم بمقاربتها الجديدة المبنية على الدعم المباشر للسكن، تنتقل من مقاربة كانت تنتهج  دعم المنعشين العقاريين إلى دعم مباشر للمقتنين للسكن كيفما كانت وضعيتهم المادية ( ذوي الدخل المحدود أوالطبقة المتوسطة)، وأشار إلى أن هذا الأمر من شأنه تحسين الاستهداف، لأنه في السابق كان هناك أشخاص يتحايلون على القانون حيث يقومون بشراء شقق اقتصادية رغم عدم كونهم من ذوي الدخل المحدود، ثم يوجهون هذه الشقق للكراء أو يتركونها فارغة وبالتالي هذا الأمر كان يشكل ضغطا على الشقق الاقتصادية، وهو ما يؤدي إلى عدم استفادة ذوي الدخل المحدود من هذه الشقق. وأكد أن تغيير المقاربة من شأنه أن يحسن من طريقة استهداف المواطنين والمواطنات.

الأمر الثاني، يقول الخبير الاقتصادي، محمد جدري، هو أن قطاع العقار يمر حاليا من أزمة بعد جائحة كرونا بحيث أن أسعار مواد البناء  وأسعار المحروقات وصلت لمستويات قياسية وكانت هناك مجموعة من مقاولات البناء على حافة الإفلاس. وبالتالي فإن هذا الدعم المباشر للسكن له أهداف اجتماعية تروم تسهيل ولوج المواطنين والمواطنات للسكن، سواء ذوي الدخل المحدود أو الطبقة المتوسطة، كما له أهداف اقتصادية محضة، ممثلة في مساعدة مجموعة من مقاولات البناء والعقار كي يستمروا في الاشتغال ويتيحوا امكانية تشغيل اليد العاملة، فكما نعلم قطاع العقار يشغل عددا مهما من الأشخاص.

من جهة أخرى، يرى جدري أن تنزيل هذا الدعم كيفما كان نوعه، سواء 70 ألف درهم أو 100 ألف درهم كيفما كان السكن في حدود 300 ألف درهم أو في حدود 700 ألف درهم مهم جدا، لكن يجب الأخذ بعين الاعتبار مجموعة من الملاحظات التي ستحسن وتجود تنزيل هذا البرنامج.

أولا،  أنه إذا كان من المقبول أن تكون رخص السكن محصورة في ما قبل يناير 2023 بالنسبة لذوي الدخل المحدود، أي السكن الاقتصادي لأنه كان يستفيد من دعم الدولة حسب اتفاقيات بين الحكومة والمنعشين العقاريين، فإن السكن الاقتصادي لا يجب أن يدخل في هذه الخانة لأنه ليس متعلقا بدعم الدولة، فمثلا شخص ما يمتلك شقة ما ب50 أو 40 مليون أو حتى70 مليون قام ببنائها ويرغب في بيعها، لا يجب أن نشترط عليه أن تكون رخصة السكن في يناير 2023.

ثانيا، ألا يفضل ساكنة بعض المدن المغربية اقتناء الشقق، وبالتالي، يمكن لمبلغ 40 أو 50 أو 60 مليون أن يسمح ببناء سكن من طابق أو طابقين، إما بصفة فردية أو بصفة مشتركة مع أحد الجيران، وبالتالي ففئة عريضة لن تتمكن من الاستفادة من دعم السكن، خاصة في العالم القروي أو المدن القريبة من العالم القروي.

ثالثا، بخصوص ذوي الدخل المحدود الذين يريدون اقتناء مجموعة من الشقق في حدود 300 ألف درهم، هناك صمت عن الضمانات التي ستقدمها الدولة في علاقتها بالأبناك، فمثلا هناك شخص ما لا يمتلك دخلا قارا فعندما سيتوجه للبنك ستطالبه بضمانات كما في السابق، فاليوم نحن بحاجة لضمانات الدولة كي تضمن هذه الفئة لدى البنوك كي يتمكنوا من اقتناء عقاراتهم. رابعا، وهو أمر أساسي جدا في تنزيل هذا البرنامج، ففي علاقة المشتري بالموثق والمنصة الالكترونية، لا يمتلك سوى 30 يوم لينهي البيع النهائي للشقة التي ينوي اقتناءها، في حين أن بعض الاجراءات الإدارية كشواهد العمل أو اجراءات انهاء العقود أو الضمانات مع الأبناك أو التوقيع النهائي على عقود القروض قد تستغرق شهرا أو شهرا ونصف، وبالتالي فحصر المدة في 30  يوما يمكن أن تشكل عائقا بالنسبة لمجموعة من الناس.

وينظر الخبير الاقتصادي، محمد جدري، من زاوية ايجابية، بحيث يرى أن الدعم المباشر للسكن سيستمر لخمس سنوات، ويضم غلافا ماليا مهما، يتمثل في 9,5 مليار درهم كل سنة، ما سيتيح لفئة مهمة من المجتمع الاستفادة من السكن.

غير أنه يستدرك ويؤكد أن حصر كل الاجراءات في منصة الكترونية، والحكومة اليوم عن طريق الوزارة الوصية يحب أن تفتح نقط البيع لصالح الأشخاص غير القادرين على الولوج للإنترنت أو لمن يستطيعون القراءة. وهنا يجب أن تسهل لهم هذا الأمر نظير ما قام به الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أو الصندوق المغربي للتقاعد، لتتمكن فئة عريضة من المواطنين والمواطنات من الاستفادة من الولوج للمنصة وتتمكن من وضع طلبها للاستفادة في الوقت المناسب.

وأكد جدري، أن الدعم المباشر للسكن من شأنه أن يسهل ولوج فئة عريضة من المجتمع للسكن خصوصا ذوي الدخل المحدود أو الطبقة المتوسطة، لكن أجرأته على أرض الميدان لا زال يشوبها عدد من مناطق الظل يجب أخذها بعين الاعتبار لأجل تحسين وتجويد تنزيله على أرض الميدان.

وشدد على أن الأهم هو تمكين المغاربة الذين يرغبون في اقتناء السكن أن يستفيدوا من سكن في حدود 300 ألف درهم أو في حدود 700 ألف درهم للطبقة المتوسطة التي لم يسبق أن استفادت من أي دعم  من قبل.

One Reply to “جدري: الشقق الاقتصادية غير معنية بدعم الدولة.. والتحايل على القانون خلق ضغطا على السكن”

أترك تعليقا